مسوحاً ذات قبعات (أسكيم) كان يلبسها الفلاحون وأن يخضعوا بدون تردد كل ما يصدر عن الرئيس من الأوامر قال القديس بنوا في المدخل: اسمعوا أيها الأبناء أوامر الرب ولا تخافوا من الائتمار بأمر أب صالح والعمل به وذلك حتى يقودكم الخضوع التام إلى ما أبعدكم عنه العقوق والكسل. وقد سمى الدير مدرسة العبودية الإلهية وفي ذلك لم يأت القديس بنوا شيئاً سوى الجري عَلَى مثال رهبان المشرق ولكنه يختلف عنهم في كيفية استعمال الوقت فبدلاً من التأمل وأعمال النسك أمر بالعمل قائلاً أن الكسل عدو الروح وعَلَى الجملة فإن حياة الراهب داخلة تحت القاعدة ساعة فساعة فعليه أن يعمل كل يوم بيديه سبع ساعات ويقرأ ساعتين وينقسم اليوم إلى سبعة قداديس يبدأ الأول منها في الساعة الثانية ليلاً. وإذا أراد رجل أن يدخل في هذه الطائفة يدخل فيها عَلَى سبيل التجربة مبتدئاً وبعد شهرين تتلى عَلَى مسامعه قاعدة: هذا هو القانون الذي يجب عليك أن تقاتل تحت لوائه فإن كنت في مكنة من الاحتفاظ به فادخل وغلا فأنت حر أن تذهب من هنا بسلام. وبعد سنة يوقع عَلَى عهد يضعه عَلَى المذبح بحضور جميع القسيسين ثم يركع أمام كل واحد منهم عَلَى حدته ومنذ ذاك اليوم يوقن بأنه لم يعد يملك شيئاً حتى ولا جسمه. ولم تلبث أن أصبحت قاعدة القديس بنوا قاعدة عامة عَلَى رهبان الغرب اتخذتها جميع الأديار القديمة وعليها أنشئت جميع الأديار الجديدة وأصبح بعد حين عامة رهبان الغرب من البندكتيين.
الرهبان البندكتيون - عاد قسم من بلاد غاليا وإيطاليا في القرن السادس فأصبح خراباً يباباً وغشت الغابات العظيمة البلاد فدخل الرهبان الذين يحبون العزلة تلك القفار وبين العوسج والشوك يقيمون لهم معبداً وبعض الأكواخ ثم يأخذون بإحياء موات الأراضي المجاورة وكثيراً ما يعطيهم أحد الملوك أو الكونتية أو أرباب الأملاك بقعة واسعة (إذ كانت قيمة الأرض رخيصة إذ ذاك) فيؤسسون ديراً جديداً. ولقد كان الرهبان ينشئون الأهراء وفرناً ومطحنةً ومخبزاً ويحرثون الأرض ويصنعون الألبسة ويعملون حجار الطاحون والصناعات النفيسة وينسخون المخطوطات فكانت أديارهم حقولاً أنموذجية كما هي معمل وخزانة كتب ومدرسة وتتألف من العبيد والمزارعين في أصقاعهم قرية كبرى هكذا نشأت في فرنسا مئات من المدن حول الأديار وكثير من المدن سميت باسم القديس رئيس ديرها الأول (سان أويمر سان كلود رسيمرون) وأنشئت ألوف من الكنائس الخورنية عَلَى يد