للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فتصح عزائمهم عَلَى تدبير المؤامرات ليصبحوا أباطرة. ويروى أن باردانوس بينما كان عَلَى وشك الانتقاض دله أحد الكهنة عَلَى خدمته الثلاثة الذين كانوا يأتونه بفرسه قائلاً له إن هذين الاثنين يبايعان بالملك وهذا يبايع ثم يقتل. وهؤلاء الخدم الثلاثة هم ليون الخامس وميشيل الثاني وتوماس الغاصب ولذا كان سلاح الإمبراطور في الدفاع عن نفسه التجسس والتعذيب الليم فقد قطع فوكاس (٦٠٣ - ٦٨٠) ألسن أنصار سلفه وفقأ عيونهم وقطع أيديهم وأرجلهم وكان الإمبراطور يضربهم بالسهام أو يحرقهم بالنار وكثيراً ما كانت تجري هذه العقوبات الشديدة عَلَى رؤوس الأشهاد. وقد شهد الإمبراطور يوستينيانوس الثاني وهو مجدع الأنف مشهد الألعاب ورجلاه عَلَى رأس منافسيه في العرش ثم أمر بهما فأعدما. ووضع باسيل أعداءه المجذومين المصلوبين في الساحة العامة قابضاً بيده مبخرة فيها كبريت كان يبخر بها بعضهم بعضاً ثم اضطرهم ثلاثة أيام أن يشحذوا وعيونهم مفقوءة ويد كل منهم مقطوعة.

الجيش - لم تبق في الولايات سلطة غير سلطة الجيوش يجندون من المتشردين من أهل كل بلد يدرها عليهم الإمبراطور وفيهم الأروام والفرس والعرب والأرمن والصقالبة بل والفرنج والنورمانديون وكان معظمهم فرساناً لا يؤدون الضرائب ويملكون أراضي وقد دعاهم الصليبيون الفرنسويون في القرن الثالث عشر الفرسان والشرفاء وبطلت طريقة الحكام المدنيين في الولايات وسط الحروب فكل قائد جيش يحكم عَلَى منطقة ولايته وبعضهم ينقطعون عن كل صلة عن العاصمة فيدفعون عن أنفسهم بحسب ما يتراءى لهم فكانت مناطق كالإبرا وصقلية مثلاً مستقلة حقيقة.

المجاميع - حفظت القسطنطينية خزائن كتب مملوءة بنفائس قديمة وكان فيها مدارس يتخرج فيها كل من يطمعون في تولي المناصب ويقضى عَلَى الموظفين في الدولة البيزنطية أن يكونوا أدباء كما هو شان حكام الصين ويدرس الأساتذة من الكهنة إلا قليلاً علوم الدين والشريعة والرياضيات والنحو وكان بعضهم ملماً بجميع علوم عصره ولم يكن علماء بيزنطة يحاولون أن يأتوا بأعمال مبتكرة بل كانوا يسقطون عَلَى التآليف القديمة فيقبسون منها ما يجمعونه في مصنفاتهم. فقد ألف فوتيوس في القرن التاسع كتاباً سماه عشرة آلاف مصنف ووضع سيمون المترجم وهو قائد سياسي من أهل القرن العاشر