للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكفار والمسلمين مالا أحصيها سأورد من عجائب ما شاهدته ومارسته في الحروب ما يحضرني ذكره وما النسيان بمستنكر لمن طال عليه ممر الأعوام وهو وارثة ابن آدم من أبيهم عليه الصلاة والسلام.

وذكر ما وقع عَلَى أفامية مما دل عَلَى أنها غير حماة وذكر بالقرب منها وادي أبي ميمون وذكر رفنية وكان أتابك حاصرها ومما قاله في أفامية فلقينا فارسهم وراجلهم في الخراب الذي لها وهو مكان لا يتصرف فيه الخيل من الحجارة والأعمدة وأصول الحيطان والخراب.

وشهد للإفرنج الصليبيين بالشجاعة ومما قاله بالحرف: والإفرنج خذلهم الله ما فيهم فضيلة من فضائل الناس سوى الشجاعة ولا عندهم تقدمة ولا منزلة عالية إلا للفرسان ولا عندهم ناس إلا الفرسان فهم أصحاب الرأي وهم القضاء والحكم. وقال في وصفهم في مكان آخر: سبحان الخالق الباري إذ خبر الإنسان أمور الإفرنج سبح الله وقدسه ورأى بهائمك فيهم فضيلة الشجاعة والقتال لا غير في البهائم فضيلة القوة والحمل وقال: إن الإفرنج قوم تبلدوا وعاشروا المسلمين فهم من أصلح القريبي العهد ببلادهم ولكنهم شاذ لا يقاس عليه فمن ذلك أنني أنفذت صباحاً إلى أنطاكية في شغل وكان بها الرئيس تادرس بن الصفي وبيني وبينه صداقة وهو نافذ الحكم في أنطاكية فقال لصاحبي يوماً قد دعاني صديق لي من الإفرنج قد تجيء معي حتى ترى زيهم قال فمضيت معه فجئنا إلى دار فارس من الفرسان العتق الذين خرجوا في أول خروج الإفرنج وقد أعفى من الديون والخدمة وله بأنطاكية ملك يعيش منه فاحضر مائدة حسنة وطعاماً في غاية النظافة والجودة ورآني متوقفاً عن الأكل فقال: كل طيب النفس فأنا ما آكل من طعام الإفرنج ولي طباخات مصريات ما آكل إلا من طبيخهن ولا يدخل داري لحم خنزير فأكلت وأنا محترز وانصرفنا.

وذكر قضية له معهم وهو أنهم سرقوا خرافاً من قطعان المسلمين ووصف كيف تشاور الفرسان بأمر الملك منهم وحكموا بالغرامة عَلَى صاحب بانياس وهو منهم فأخذ منه أربعمائة دينار. ومما ذكره أن الطور كانت ولاية لمصر بعيدة كان الحافظ لدين الله رحمه الله أن أراد إبعاد بعض الأمراء ولاه الطور وهو قريب من بلاد الإفرنج. ومما رواه أن