ويسيء بالإحسان ظناً لا كمن ... هو بابنه وبشعره مفتون
ويروي بأتيك وهو بشهره مفتون.
لكن يا بني إن العاقل رحل عن هذه المعاقل وترك فيها الجاهل فعادت كالمجاهل.
أحسن لله لي عزائي بنفسي ... إن يكن يحسن العزاء مذنب
تدري من العاقل في هذا المعنى ابن المقفع الذي ارتدى بعقله وتقفع ومع هذا فإن الشعر ترفع وكان من البلاغة في قلمه ولسانه بحيث لا يبلغه أحد من أهل زمانه.
قيل له مالك لا تقول الشعر قال الذي أرضاه لا يجيءُ والذي يجيءُ أرضاه وقيل للمفضل لم لا تقول الشعر وأنت أعلم الناس به قال علمي به يمنعني من قوله وأنشد:
أبى الشعر إلا أن يفئَ رديه ... عليَّ ويأبى منه ما كان محكماً
فيالتني غذ لم أجد حوك وشيه ... ولم أك من فرسانه كنت محكماً
ثم عاد فقال في صدر الكتاب: رجع القول إلى صفة الأبيات التي ذكرها بعد لم يأت مثال ما ذكرته لك أب في بابه وأخ واد وكذلك فكذلك إلى آخر حروف المعجم فلما لم يتزن لي ذلك احتلت عليه وتركت هذا المعنى وقلت أب الذي هو المرعى وأخ واد وجئت بواو العطف في اللفظة حتى تدخل في الوزن ويصح دخولها في العروض التي بنيت عليها وهي المتقارب الذي يحتاج من فعولن ثمانياً وسقت مع أب وأت وأث مما يكون عَلَى وزن فعل أو فعل أو فعل أو فاع لأن هذا كله في الوزن مع فعولن سواء وكذلك أفعل في سائر الحروف وأذكر خارج البيت ما هو عَلَى هذا الشكل مما لم يتزن أو ما يتزن واستغنى عنه البيت عَلَى ما تراه إن شاء الله تعالى بعد هذا فإذا فرغت من البيت سقت معكوسه مثل وبا وتا وثا ثم أفسره كذلك ثم أقول مقلوبه بين ألف ثم حرفين مثل وباب وتاب وثاب ثم أفسر كل لفظة منها ثم أفسر مقلوبه أيضاً حرف بين ألفين مثل وابا واتا واثا ثم أرجع إلى القافية فأفعل فيها مثل ذلك وربما كانت الواو من نفس الكلمة إذا لم أجد غيرها فأسوقها وأنبه عليها مثل وكل الذي هو الرجل الضعيف العاجز سقته مع وكل اللفظة التي هي ضد بعض وكذلك وشل الماء الجاري من الجبل مع وشل بعض أنامله وغير ذلك مما أقيم به شكل البيت ووزنه وربما جلبت فائدة ثانية وعكساً آخر يفيد علماً زائداً ثم أذكر مخارج الحروف