من المدرسة الجوهرية مائدة ذهب وزنها ثمانية أرطال وربع بالدمشقي وعليها تمثال دجاجة من ذهب وصيصان من ذهب في منقار كل واحد لؤلؤة بقدر الحمصة وفي منقار الدجاجة درة بقدر البندقة وفي وسط المائدة سكرجة من زمرد سعتها مثل كفة الميزان التي للدرهم السوقي الكبير مملوءة حبات من الدر قيل أن الملك الناصر صاحب حلب أودعها لنجم الدين الجوهري فأكنزها بدهليز مدرسته فوشى بها إلى لملك المنصور جارية من جواري الجوهري وكان عَلَى جميع المائدة شبكة من ذهب منسوج صغيرة الأعين حاوية لكل ما في المائدة ولها ثمان قوائم.
وأهدى مقدم زاوية عكا إلى الملك المنصور طشتاً في وسطه بيت مربع له أربع خروق في أسفله يدخل منها دم الفصاد إلى داخل البيت وفي البيت سقفه تمثال إنسان متواري في البيت ورأسه وعنقه بارز من سقفه وكلما سقط في الطشت من دم الفصاد وزن عشر دراهم ارتفع ذلك التمثال بصدره وظهرت عَلَى صدره كتابة عشرة الدراهم ولا يزال كذلك إلى مقدار ثلاث أواق دمشقية فيقف التمثال قائماً ويسمع في جوفه كلمة يونانية معناها حسبك حسبك اهـ.
تقول ولا عجب فيما رواه شيخ الربوة في هذا الشأن ولكن من عرف ثروة العمال وثروة الملوك في القرون الوسطى لا يستعظم ما يبلغه من تلك الأخبار فقد ذكر ياقوت أن علي بن أحمد الراسي كان من عظماء العمال وأفراد الرجال في أيام المقتدر وزراة علي بن عيسى وكان يتقلد من حد واسط إلى حد شهزور وكورتين من كور الأهواز جنديسابور والسواس وبادرايا وباكسايا وكان مبلغه خمسمائة ألف ألف وأربعمائة ألف دينار في كل سنة. ولم يكن للسلطان معه عامل غير صاحب البريد فقط لأن الحرث والخراج والضياع والشجر وسائر الأعمال كان داخلاً في ضمانه فكان ضابطاً لأعماله شديد لها من الأكراد والأعراب واللصوص وخلف مالاً عظيماً وقد حمل من تركته لأنه لم يعقب ما هذه نسخته: العين أربعمائة ألف وخمسة وأربعون ألفاً وخمسمائة وسبعة وأربعون ديناراً الورق ثلاثمائة ألف وعشرون ألفاً وتسعمائة وسبعون مثقالاً. آنية الفضة ألف وتسعمائة وخمس وسبعون رطلاً. ومما وزن بالشاهين من آنية الفضة ثلاثة عشر ألفاً وستمائة وخمس وخمسون درهماً ومن الند المعمول سبعة آلاف وأربعمائة مثقال ومن العود المصري أربعة آلاف وأربعمائة