عليها لمقصد ديني سياسي عن سعة. ولكننا نعجب كل العجب من مسلم لا يحذو في ترتيبه ومعاشه حذو أخيه المسيحي ففي مزارع الإسرائيليين تعمل رؤوس أموال شركاتهم ومعارف أوربا في تجويد الزراعة وفي مزارع الوطنيين غير المسلمين يعمل حب الترتيب وحسن التربية وإرادة الكسب والرفاهية فقط.
وبعد فكلما تقم السائر من بعد قرية الرامة يتراءى له انحطاط الزراعة وإهمال الفلاح المسلم لزيتونه وتينه وكرمه بل لغلاته السنوية بحيث أصبح دون مواطنه الدرزي وللدروز عناية في الجملة بأراضيهم وغرسهم ومنهم في بعض قرى عكا ومنهم في قضاء صفد وبلادهم جبلية كما هي العادة. وأهم ما شهدناه قبل صفد بساعتين شلال ماء يسقي إحدى القرى هناك يجري من شاهق جبلٍ عالٍ ويضيع بين الصخور في الطريق وهو بمائه دون شلال تل شهاب في حوران إلا أنه يمكن استخدامه فيما نحسب لتنوير عكا وحيفا بالكهربائية وتسيير ترام كهربائي فيهما.
وقد أصبحت بلاد صفد وهي ٤٩ قرية ومزرعة جرداء من غاباتها بفضل الإهمال وكانت منذ عشرين سنة كثيرة ومنها الضخم تسد الحاجة وتلطف الهواء وتعد نزول الأمطار حتى أن القوم هنا يبحثون عن جذوع الحراج للوقود والتدفئة الآن وما ندري بم يصطلون ويوقدون بعد سنين.
ومدينة صفد تربو نفوسها عَلَى ثلاثين ألفاً نصفهم من الإسرائيليين وهي عَلَى عدة قمم وآكام عالية وفيها المياه مثل مدينة مرجعيون وقد جلب الماء في أنابيب حديد إلى أكثر أحياءها من جبل بيرية الواقع جنوب صفد عَلَى نصف ساعة منها فكلف نحو ألفي ليرة خفف عَلَى السكان بعض العناء في الاستقاء وحفظ ماءهم من الكدر ولو صرفت إدارة النافعة خمسة آلاف ليرة عَلَى طريق يربط صفد بطبرية والمسافة بينهما خمس ساعات أيضاً لاتصلت صفد بالخط الحجازي وأصبح ابن دمشق يأتي إلى صفد في يوم واحد خصوصاً والعلائق التجارية والزراعية مستحكمة بين الصفديين وأهل ولاية سورية المتاخمة قضائهم لقضاء القنيطرة حتى أن في صفد حياً خاصاً بالأكراد كما لهم في صالحية دمشق.
وطول جبل الزابود المشهور في كتب وصف البلدان نصف ساعة من شمال ميرون للغرب