وكمية - لها دخل عظيم في أداء الترجمة حقها لكن لا ينكر أن أقدر الناس ترجمة تنتابه الفينة بعد الفينة حمى الحمية المتولدة من فقر اللسان عندما يترجم كتاباً له قليل علاقة بدقائق الأفكار والمعاني.
إنها لا تزول جميع المشاكل باختراع كلمة تقابل كلمة أجنبية إذ أنه يوجد طرق مختلفة في أداءِ البيان يستحيل أن يؤدي مآلها بتلك البلاغة بوسائط أُخرى. وهذا القسم من الرقي في الأسلوب مؤخر عن تكامل الكلمات وأبطأ منه سيراً فيجب علينا اليوم إذاً أن نعجل في رقي الكلمات.
حدود رخصتنا في إبداع الكلمات
كل يوم ينال لساننا قطرة لفظ أو معنى يسير به سيراً مطرداً وإن كان غير محسوس فتوسعت حتى تجمعت لدينا في ربع عصر كتابة كلمات لو كان من الممكن أن نخابر أجدادنا لأمكننا - مع فضلهم المحتمل - أن نملأ لهم صحائف مكاتيب طويلة عريضة بتركية لا يفقهونها. فمن أين أتت هذه الكلمات الجديدة مسألة؟ ذات بال؟.
كان التجدد في الماديات والمجردات يأتينا ويأتي معه بأسمائه فكلمة تياترو، غرته، دوكتور، أومنيبوس، لوكوموتيف، سيغورطه، بروتستو، نوطه، بيهس، آنسيكلوبويا الخ وغيرها مما تتوالى لواردنا عدها طفيلية دخلت بيننا لأنها لم تترجم بكلمة معقولة تقابلها ومهما كانت لهذه الكلمات من السلالة اللفظية في لسانها فلا أحد ينكر أنها تستثقل عندنا لتباين اللهجتين.
وما عدا جماعة هاته الكلمات الأجنبية التي تعيش معتزلة عن كلماتنا اعتزال الأجانب في بلادنا عنا فإنك تجد معمورة لسانية أُسست في مولداتنا القومية وضعها أرباب الحمية من الكتاب هي أصل الثروة عندنا عَلَى ما أرى. وغني لأذكر عَلَى وجه المثال بعض كلمات من تلك الكلمات المحترمة المجاهدة التي تسعى في قضاء حاجتنا المبرمة: تدرج، صائت، صامت، عنعنة، تعويض، تصوت محيط، كراسة، واحة، طيارة، إحصائيات.
إن الكلمات الوطنية ويا للأسف تتألم لسوء طالعها من أنها عرضة للاستثقال من لدن أهلها أكثر من الكلمات الأجنبية إذ إنا في الأغلب نعامل اصطلاحاتنا الجديدة معاملة شديدة، ولا ترى تلك الكلمة العثمانية المحدثة في وجهنا أثر تبسم مقدار ما تراه كلمة غيرها أجنبية. نحن أولاً أهل العنف والشدة نوقف تلك الكلمات المسكينة أمامنا ونفحص عن حسبها