أقام تيمور بك ردهة كبيرة في أعلى قصره في قويسنا نقل إليها كتبه من القاهرة ليخلوا هناك بنفسه ويتوفر عَلَى المطالعة والمراجعة في ذاك الهواء الطلق البعيد عن الضار من جراثيم المدينة الحديثة ويخلص من تزاحم الأنفاس وتشعب العوامل القاطعة في العواصم عن الطلب والتبحر والتأمل ففزع بكتبه وأدبه إلى أرض الدلتا أخصب بقاع هذا الوادي الخصيب يحمل أسفار العلم والأدب إلى ركائز الإبريز ورغام الذهب.
وبعد فقد رأينا عملاً خاصاً أو عاماً منسقاً تنسيق المكتبة التيمورية فالمكتبة بالفهرس البديع الذي دونه لها جمعها فجعل كل علم مع علمه وقرن كل شكل مثله ليسهل إحضار أي كتاب منها في دقيقة مع أن مجلداتها لا تنقص عن ثمانية آلاف مجلد منتقاة ومن خلق صاحبها أن لا يضن بأندر كتبه عن المشتغلين والمستنسخين عَلَى خلاف سنة بعض غلاة الكتب في مصر والشام ممن لا يسمحون بالنظر إلى كتبهم ولا باستنساخها والأخذ منها ولو كانوا ينظرون فيها آونة الفارغ لهان الخطب فيهم ولكنهم منعوها عن الناس فأمست مظلومة في قماطرهم ويا بئس ما يعملون.
وهاك الآن النادر من مخطوطات هذه الخزانة التي نرجو لها زيادة النمو عَلَى هذا النحو تنشر قائمتها خدمة لأهل العلم والدب ممن أخذوا النفس بإحياء آثار العرب ولاسيما علماء المشرقيات في ديار الغرب وكبار الطابعين في هذا المشرق العربي داعين لصاحبها المنوه بقدره أن يظل عَلَى مضائه وبذله في اقتناء كل نفيس وعلى همته وصحته بالوفور والنماء.