منتصف الطريق بين عمان والسلط المهندس نظيف أفندي الخالدي المقدسي عَلَى أن ينشئ فرعاً بالخط الحديدي من السلط إلى عمان يتصل بالسكة الحجازية ومرفأ في حيفا - من سوء الحظ أن قد حسبوا فوجدوها لا تفي بها وارداته ولعل الحكومة تتساهل بعض الشيء في شروطها لتقوي عزيمة تلك الشركة عَلَى استثمار هذا المعدن من قضاء السلط فيتسنى لها أو لشركة أخرى تعدين سائر المعادن التي حبتها بالفطرة.
عَلَى نحو ساعة من قصبة السلط منظر من أجمل مناظر سورية ونعني به جبل يوشع الواقع عَلَى علو نحو ١٠٩٦ متراً عن سطح البحر وهو مشرف عَلَى جزء عظيم من فلسطين فيمتد أمامك وادي الأردن كأنه بساط ذو ألوان كثيرة ومن خلال ذلك نهر الأردن تراه كالحية بتلويه حتى يصل إلى البحر الميت أو بحيرة لوط. ومن النبي يوشع تشاهد جبل الزيتون في الشمال الغربي ويقابلك جبل عيبال وجزريم ثم جبل الطور وما يناوحه من الجبال المحيطة ببحيرة طبرية ومن بعيد جبل الشيخ وبه تنتهي هذه المنظرة من الشمال.
ويقول العارفون من الإفرنج أن الاعتقاد بالنبي يوشع الذي يذبح له البدو ويتقربون إليه هو من التقاليد الإسرائيلية القديمة وإن بناؤ قبره يرد إلى زهاء ثلثمائة سنة. وليوشع مقام أيضاً في قضاء نابلس قرب قرية حارث وجبل يوشع في البلقاء أشبه بيوشع تبه شي أي ذروة يوشع في قرية بكوز المطلة عَلَى بحر مرمرة وخليج القسطنطينية هذا منظره بحري وذاك منظره بري ومن غريب التقاليد أن البدوي يحلف بالله ولكنه لا يحلف بشعيب ومقام شعيب عَلَى ساعتين من السلط أيضاً.
كانت عمان قصبة البلقاء فانحطت في أواخر القرن الماضي بما تواتر عليها من الزلازل وغارات البادية حتى جلا عنها بقايا سكانها الأصليين فأنزلت فيها الحكومة منذ ٣٤ سنة ستمائة أسرة من الجركس من عشائر مختلفة هاجروا إلى البلاد العثمانية من ولاية كوبان الروسية وأخذوا يردون غارات البادية واعتمدوا في عمرانها عَلَى مضائهم وشجاعتهم وبنو عَلَى أنقاض مدينة ضخمة قرية لهم وساعدتهم مياه نهر الزرقا فغرسوا الأشجار وأنشأوا الحدائق واتوا بطريقتهم المألوفة لهم في الزراعة ببلادهم وقد هلك منهم أناس كثير من الفتن والأمراض حتى توطدت أقدامهم واغتنوا وأصبحت الحكومة بعد أن كانت تأخذ من