فيسقي تلك الضياع مثل بهتيث والمنيتين وشبرو ودمنهور وهو سد خليج أمير المؤمنين فإذا كان يوم عيد الصليب وقت انتهاء حلاوة العنب خرج السلطان إلى عين شمس فأمر بفتح هذه الترعة وقد سد أهل الجرف أفواً أنهارهم حتى لا يخرج الماء منها وجعلوا عليها الحراس فينحدر الماء إلى ضياع الريف كلها والترعة الأخرى أسفل من هذه وأعظم غير أن السلطان لا يحضرها ويبين بفتحها النقصان في النيل وهي بسردوس والمقياس بركة وسطها عمود كويل فيه علامات الأذرع والأصابع وعليه وكيل وأبواب محكمة يرفع إلى السلطان في كل يوم مقدار ما زاد ثم ينادي المنادي زاد الله اليوم في النيل المبارك كذا وكذا وكانت زيادته عام الأول في هذا اليوم كذا وكذا وعلى الله التمام ولا ينادى عليه إلا بعد أن يبلغ اثني عشر ذراعاً إلا ما يرفع إلى السلطان حسب والاثنا عشر ما يعم ضياع الريف فإذا بلغ أربعة عشر ذراعاً سقى أسفل الإقليم فإذا بلغ ستة عشرة استبشر الناس وكانت سنة مقبلة فإن جازوها كان الخصب وسعة فإذا نضب الماء أخذوا في الحرث والبذر وفي أيام زيادته تتبحر مصر حتى لا يمكن الذهاب من هذه الضيعة إلى الأخرى إلا في الزواريق في بعض المواضع.
الفسطاط جبل فيه معدن الذهب ولهم معادن زاج الحبر لا ترى مثله وطين يسمى الطفل وفي المقطم مقاطع حجارة بيض حسنة تنشر كما ينشر الخشب. ثم ذكر مشاكل مصر مع الاحتراز من الخرافات الشائعة بشأنها في الجملة قال وعلى صيحة من الفسطاط موضع يسمى قرافة فيه مسجد وسقايات حسنة وخلق من العباد وموضع خلوة وسوق لطلاب الآخرة وجامع حسن ومقابرهم في غاية الحسن والعمارة ترى البلد غبراء والمقابر بيضا ممتدة عَلَى طول المصر فيها قبر الشافعي وذكر بعض عجائب مصر مثل هرمي الجيزة وقال إنها مقابر ألا ترى إلى ملكوك الديلم بالري كيف اتخذوا عَلَى قبورهم قباباً عالية وأحكموا جهدزهم وعلوها طاقتهم كيلا تندرس وذكر منارتي عين شمس أو مسلتيها ومغائر حلوان وبرابي الصعيد ومنارة الإسكندرية وعدد الشهور القبطية وقال أن طول مصر من بحر الروم إلى النوبة أقل من شهر وعرضه من الجنوبي ثمان مراحل ومن الشمالي اثنتا عشرة وللدخلة فيه عند بحر القلزم أربع مراحل أما الولايات فللفاطمي وهم في عدل وأمن لأنه سلطان قوي غني والرعية في راحة ومن ثم سياسة ونفاذ أمر وكل سامع مطيع من