زيد فجعل العرض من ملطية ماراً عَلَى الجزيرة والعراق وفارس وكرمان إلى أرض المنصورة ولم يذكر المراحل إلا أنها تكون نحو أربعة أشهر غير عشرة أيام والذي ذكرنا أبين وأتقن فمن أقصى المشرق بكاشخر إلى السوس الأقصى نحو عشرة أشهر.
قدر للخليفة سنة ٢٣٢ ما يرتفع من الخراج والصدقات سوى الحماميات والجبايات من جميع المملكة فبلغ ألفي ألف وثلاثمائة ألف وعشرين ألفاً ومائتين وأربعة وستين ديناراً ونصفاً قال وحسب خراج الروم للمعتصم فبلغ خمسمائة قنطار وكذا قنطار فإذا به أقل من ثلاثة آلاف ألف دينا فكتب إلى ملك الروم أن أخس ناحية عليها أخس عبيدي خراجها أكثر من خراج أرضك. وطول المملكة عَلَى ما قدمناه ألف وستمائة فرسخ كل مائة فرسخ ألف ألف ومائتا ألف ذراع فالفرسخ اثنا عشر ألف ذراع والذراع أربعة وعشرون إصبعاً والإصبع ست حبات شعير مصفوفة طولا بعضعها إلى بعض الميل وثلث الفرسخ وفي البريد خلاف بالبادية والعراق اثنا عشر ميلاً وبالشام وخراسان ستة ألا ترى كيف بنى بخراسان عَلَى كل فرسخين رباط ورتب فيه أصحاب البريد فبهذا نأخذ اهـ.
ولا يسع المنصف بعهد تلاوة هذه النموذجات من المصنف العلامة إلا أن يحبذ العلماء العرب فيما دنوه بحسب ما انتهى إليه ارتقاء العلم في عصورهم وإذا وقع لهم ما يؤخذ اليوم عليهم وهو قليل جداً بحسب ما أدانا إليه البحث والتنقيب فإن هذا لا يقدح في أسفارهم ولا يحول بيننا وبين إحيائها وتدارسها عَلَى علاتها خلافاً لما يتبجح به المنطعتون من المتفرنجين منا ممن لم يسعدهم الحظ أن يدرسوا كتاباً عربياً وغاية علمهم أنهم قرأوا مبادئ العلوم باللغات الإفرنجية وجمدوا عليها جمود بعض الفقهاء عَلَى ما قاله المتأخرون منهم وترك الرجوع إلى الأصل الصحيح من كتب السنة بدعوى أن المتأخرين جرروا كل شيء فلم يبق بنا حاجة إلى الأخذ عمن قبلهم.