يحكم عَلَى آخرتها حكماً أكيداً. وقد لاحظ بعضهم أن ترك التقاليد الدينية يتقدم أبداً سقوط الممالك وإن الإفراط في قبول الدخيل من الناس والتفاني في الديمقراطية والاشتراكية مجلبة الانحلال في الشعوب عَلَى أن هذه الآراء قد لا تصدق وتمر بها الأمم لا تصيبها بائقة. ويؤكد كثير من المتشائمين أن فرنسا ذاهبة لانحلالها وأول ما ينعونه عليها قلة تناسلها وعدم الاتحاد بين أجزائها مما يورث البلاد ضعفاً وحب المال الذي ساق الشعب الفرنسوي لاحتقار الفنون والجمال بل الشرف وكل ذلك ليس من الحجج الدامغة في هذا الشأن فإن هناك حوادث تقلق الاجتماعيين كل القلق من مثل زيادة عدد المجانين سنة فسنة فقد كان عدد البله في الولايات المتحدة سنة ١٨٨١ - ٣٦٣ في كل مئة ألف فأصبحوا اليوم ٤٢٩ وصعد عددهم في بروسيا من ٢٢ في العشرة آلاف سنة ١٧٨١ إلى ٢٦ سنة ١٨٩٥ وكان عدد المختل شعورهم في أيرلاندا سنة ١٨٨٩ - ٧٥ ألفاً فأصبحوا سنة ١٩٠٨ تسعين ألفاً ومعدل المجانين في إنكلترا ٤ في المئة وعدد الجرائم يزيد كثيراً وبعض البلاد كإنكلترا تتحسن حالتها من هذا القبيل. وخير الذرائع التي يعمد إليها للإصلاح إدخال التحسين الطبيعي والأخلاقي.
الخطر الأصفر
لا يزال المفكرون في الغرب يذهبون مذاهب في تقدير الأخطار التي ستنشأ بعد قرن أو قرنين من الخطر الأصفر أي ترقي الصين واليابان وانكفاء شعوبهما عَلَى الغرب يخربون مدنيته ويجعلون أعزة أهله أذلة وقد كتب أحد المحققين من الإنكليز قالاً في هذا الصدد قال فيه ليس الخطر في تجريد الصين مليوني رجل من جندها يسيرون متراصة صفوفها عَلَى أوربا يخربون كما خربت الهونس البلاد فالصيني يكره الحرب بفطرته ولا يدعى لحمل السلاح إلا لتوطيد الأمن أيام السلام وما منهم من يعرض حياته للخطر لقاء بضع دريهمات يقبضها أجرة عمله بل الخطر كل الخطر في انحلال نظام الصين الحالي وهجرة أهلها إلى أوربا وأميركا بالملايين يكاثرون أهلها ويزاحمونهم في الصناعة والأعمال المختلفة وقد عرفوا بمضائهم وصبرهم الذي لا يوصف بحيث إذا كثروا في بلاد الغرب تختل بوجودهم الميزانية الاقتصادية والصناعية فهم إذا هاجروا إلى بلد كالحلمة الطفيلية يورثونها ضعفاً ويقوون بمواردها ويقطعون عيش أهلها هذا ما أدركته أميركا وأوستراليا فوقفتا تقاتلان