هذه الصورة أسست خزائن الكتب فلم تتجاوز بضع مئات من المجلدات (فمكان في فيكان ١٤٨ وفي سان يفرول ١٣٨) لأن الكتب كانت نادرة والرق عزيزاً وجميع الكتب كانت باللاتينية ومعظمها كان كتب عبادة وتنسك مثل الكتاب المقدس وآباء الكنيسة وكتب الطقوس وحياة القديسين وكان القسوس عَلَى صلابتهم لا يسمحون لغير هذا النوع من الكتب ويقولون أن كتب شيشرول وكتب فرجيل لا تنفع في سلامة النفس بيد أنه كان في بعض الأديار التي يغلب عليها حب الأدب بالأكثر شيء من المؤلفات اللاتينية الأخرى مثل مصنفات شيشرون وفرجيل وهوراس وبلين لجون والتعزية لبويس.
كتب رجال الإكليروس كالأساقفة ورؤساء الأديار والقسس في القرون الوسطى كثير من المؤلفات لأنفسهم فكانوا يؤلفون في الشعر والأدب ورسائل في اللاهوت وتواريخ يسرد فيها جميع أحداث العالم منذ البدء إلى زمن المؤلف ووقائع مؤلفة من أخبار جافة جداً تكتب سنة فسنة تذكر فيها أخبار المجاعات والأوبئة والمذنبات والحروب ووفاة الملوك أو رؤساء الأديار. كل ذلك باللغة اللاتينية وإنشاء مطول مزهر مصنع تكثر فيه الاستشهادات أشبه بلغة تلميذ يتعلم اللاتينية. وكان رجال القرون الوسطى جبناء الفكر يعتقدون أنفسهم أحط جداً ممن سلفوهم ولا يطمعون إلا في أن يقلدوهم وإنك لتجد في آدابهم بعض الأفكار صرح بها بقوة وبعض صحف حية في تواريخهم ولكن أدبياتهم أدبيات طلبة فهم طلبة اجتهدوا وأعوزهم الإبداع.
أدب العامي - أم عامة المدن والقصور ممن لا يعرفون اللاتينية فقد اقتضت لهم كتب باللغة العامية لغة الرومان (المشتقة من اللاتينية) وهكذا نشأ نحو أواخر الحادي عشر الميلادي الجديد فابتدأ من الشعر كما جرت العادة في أنواع الآداب فسموا هؤلاء الشعراء المتجولين وهم الذين يتجولون في شمالي فرنسا ويؤلفون أشعارهم بالفرنسوية ويسمون شعراء الجنوب الطوافين وهم يؤلفون بلغة أقاليم البروفانس (البروفنسال) وكان بعضهم فرساناً وصناعة الآخر الشعر ويسمونهم المتشعبدين كانوا يذهبون إلى الأسواق الكبرى حيث يجتمع أغنياء التجار ويقصدون قصور أعاظم السادة في أيام الأعياد ويغنون ومعهم ربابة صغيرة وهذه الشعار ذات الثمانية أو العشرة مقاطع سميت بالأغاني لأنه كان يتغنى بها وسميت (بلغة البروفنسال الرومانية) لأنها كانت باللغة الرومانية. وكان شعراء الجنوب