أنصفونا لأنهم يأتون مثله مع من ينبذ طاعتهم يرموننا بكل كبيرة وقد عدوا علينا من الكبائر التي لا تغتفر ما أتيناه من الشدة سنة ١٨٧٧ و١٨٩٤ - ١٨٩٥ التي قالوا عنها أنها لا تناسب ماحي الممدنين كأنهم يريدوننا أن نعاقب القاتل بالعفو حالاً ومن يريد أن يؤسس مملكة في مملكتنا بالابتسام له وطلب رضاه.
ضمنت المعاهدات لدولة العثمانية مركزها من الحق العام الأوربي ولكن سرعان ما تنقض تلك العهود المسطورة إذا كان من ورائها نفض عنصر من شعوب البلقان يده من طاعة سلطنتنا. ولقد تعهدت ثلاث دولات أوربية في حرب القرم سنة ١٨٥٦ بموجب معاهدة باريز أن تدافع بالسلاح عن سلامة المملكة العثمانية ولما استبيح حماها سمة ١٨٧٧ أي في الحرب الروسية لم ينتطح عنزان ولا تحك منهم لحق الدماء إنسان قال بينون: إنا إذا أحببنا إنصاف العثمانيين في كثير من المواطن نقول أنهم ليس لهم ذنب إلا كونهم عثمانيين. وهو كلام المؤرخ العاقل.
ولطالما حجة حماية غير المسلمين في المملكة العثمانية من الأسباب التي تتذرع بها حكومات الغرب ولاسيما فرنسا التي سبقت غيرها إلى هذه الدعوة منذ عهد فرنسيس الأول بما أفضل عليه أحد سلاطيننا العظام من الرعاية واللطف ولذا ترى حقوق العناصر في هذا الشرق تذكر في المعاهدات فقد ذكرت في المادة التاسعة من معاهدة باريز وفي المادة الثالثة والعشرين والحادية والستين من معاهدة برلين ولكن عَلَى صورة مرنة كالمطاط يعمد إلى تأويلها حينما يكون مأرب لإحدى الدول تريده منا ويغض عنها إذا لم يكن لهن ثمت باعث عَلَى التدخل في أحوالنا.
ولقد كان من سياسة إنكلترا منذ استولت عَلَى بلاد الهند أن تكون الطريق إليها سالمة من العوائق والمضايق لأن في الهند ثروة إنكلترا والهند شرط وعلامة عَلَى استيلائها عَلَى البحار وقبضها عَلَى الشؤون الاقتصادية فالهند هي المملكة كما عرفها ديزرئيلي الوزير الإنكليزي المشهور وجرى عَلَى ذلك أخلافه. وقبل فتح ترعة السويس كان من حكم الآستانة وجناق قلعة وله منفذ إلى بحر الأرخبيل أو كان له سلطة عَلَى بحر قافقاسيا يستطيع منها النزول عَلَى أرمينية أو فارس إلى ما بين النهرين والخليج الفارسي - من كانت هذه قوته وبلاده يكون منه خطر دائم عَلَى الطرق الأرضية أو البحرية إلى الهند أو