سعة لإعانة الأمة عَلَى الأقل في كسوة أبنائنا المجاهدين في الروم أيلي بعض ما يصرفونهم عَلَى شهواتهم. إنني والله أخجل من تسطير تلك الصدرات والجوارب والأعبئة القليلة التي لم يجد ملوك المال فينا بغيرنا وقد رأينا واحدهم وثروته كلها من رقاب الفلاحين وسرقة الخزينة لا ينفق في هذا السبيل ربع ما أنفقه لاستحصال رتبة أو أخذ منصب أو مكافأة عَلَى وسام فاين هذا وأمثاله من ذاك اليوناني الذي تبرع لحكومته بأربعة ملايين فرنك تبتاع بها بارجة حربية!
إن هذا التضامن المنشود عَلَى أشده في الحكومات الأوربية والأميركية هو الذي أعوزنا اليوم فتركنا هدي كتابنا الكريم وأردنا تقليد المحدثين فصرنا كالعقعق أراد مشية الحجل فنسي مشيته ولم يحسن تقليد من يريد تقليده. إننا إذا تضامنا نضع الأشياء مواضعها وإذا تفاهمنا ننجح في تأليف أحزابنا وحزب عدونا ونأمن عَلَى مستقبلنا السياسي والاقتصادي وإلا فكل كلام ضائع وكل سعي في إنهاضنا هباء فتدبروا رحمكم الله وإياكم فليس للدهر بصاحب من لم ينظر في العواقب والسلام بعدد ما سجل التاريخ لأجدادكم من المآثر وعد لهم من الأيام الغر المحجلة فقد قيل:
الناس كالناس والأيام واحدة ... والدهر كالدهر والدنيا لمن غلبا