وذكر علم المنطق وأبطل قول القائلين وجوب الاشتغال به وبين أنه لا جدوى منه في المطالب العقلية وتكلم على علم الأصول والفقه والتوحيد ومن رأيه في الاجتهاد أنه ليس بمحظور على أحد من الناس وليس بضربة لازب على كل إنسان بل أن من رأى منه ما يؤهله للقيام بأعباء هذه الخطة العظيمة فله أن يجتهد ويعمل بما أداه إليه اجتهاده قال وإنا لا نجيز لأحد يرى في نفسه صلاحية للاجتهاد أن يدعو الناس إلى العمل بقوله والأخذ بما أداه إليه اجتهاده لا لشيء سوى أننا نرى أن في ذلك توسيعاً لباب الخلاف بين المسلمين ونحن في حاجة إلى تضييقه إلى أن يقول وخير من الاشتغال بهذا وأجدى للمسلمين اختيار ما يوافق أهل كل عصر ومصر من أقوال الأئمة المجتهدين والعمل بها وترك التقيد بمذهب أمام واحد من الأئمة وفي هذا من التوسيع على المسلمين والنظر إليهم ما لا ينكر وقعه. وأطال في علم الكلام وسماه العلم المشئوم ودعا إلى وجوب تركه على نحو ما دعا إلى ذلك كبار رجال الإسلام في القديم قائلاً أن ليس من فائدة فيه سوى زعزعة أركان الدين ونقض أساسه. وتكلم على علوم البلاغة وأثبت أن لا حظ لأرباب المدارس الدينية منها وأفاض في أنه لا عذر للناس اليوم في استعمال كتب المتأخرين مع وجود كتب المتقدمين وقال أنه من أقبح آثار هذه الكتب أنها تضعف الفكر.
وختم كتابه وهو في ٢٩٠ صفحة بالكلام على الأزهر وسوء حالته متعلقاً بأهداب الأدب الذي يشكر عليه وقد اقتبسنا منه في غير هذا الوضع فصلاً في التفسير والمفسرين دلالة على أسلوب المؤلف في الانتقاد وأخذنا عليه أنحاءه على المدارس النظامية وطرق تعليمها وإنكاره إدخال بعض العلوم كالتاريخ والجغرافيا إلى الأزهر مع أنه لا يتم علم العالم إلا بمعرفة تاريخ أمته وتقويم بلادها على الأقل كما رأيناه لم يصب المرمى في كلامه على علم الأصول ومهما يكن فإن الكتاب من جيد المصنفات النافعة وعساه يوفق إلى نشر الجزء الثاني المتعلق بالإرشاد في أقرب وقت جزاه الله عن العلم خير الجزاء.
المدونة الكبرى
انتهى طبع الجزأين الخامس عشر والسادس عشر من هذا الكتاب الذي نوهنا به في بعض الأجزاء السالفة وبطبعهما تم طبع المدونة لإمام دار الهجرة مالك بن أنس الأصبحي وقد أورد طابعها الفاضل الحاج محمد الساسي المغربي في آخر الجزء سماع هذه المدونة عن