تبين أن الذهب كان يستعمله القدماء إذ وجد في مقابرهم مطرقاً عَلَى صورة حلي وبالنزر لندرة الذهب في الجملة لم يدخل في استعمال الأدوات العادية بل اقتصروا عَلَى جعله صلة بين العصرين العظيمين العصر الحجري الذي انقضى والعصر النحاسي (البرونزي) الذي أدى الإنسان إلى اكتشاف الحديد أي إلى أبواب الأزمان التاريخية. ثم ظهر النحاس وعم استعماله في أشياء كثيرة ولكنه قليل البقاء فقد اعترف مطرقوه بادئ بدء بينه فمزجوه بغيره ليقوى فخلطوه بالزرنيخ والأنتيمون أولاً ثم بالقصدير. عَلَى أن ظهور المعادن في العمل يوافق بحسب ما يظهر أول عهد عدنت فيه المعادن وليس الأمر كذلك لأن المناجم سابقة ذاك الحادث المهم فإن البشر مذ عرفوا يصقلون الحجر قبل أن يعرفوا المعادن بأزمان بحثوا في الأرض وكان من المعدنين الأولين أن استثمروا أولاً حجر الصوان فكانوا يحفرون الآبار والدهاليز برؤوس الأيائل ليستخرجوا منها المعادن وكان من الحركات الجيولوجية التي ساعدت عَلَى تأليف الكرة الأرضية غنية برؤوس عروق المعادن فظهرت عَلَى سطحا وأخذت المياه الغزيرة الجارية إلى قرارة الأنهار تلقي عَلَى الضفاف أجزاء معدنية فلم يكن المعدنون بل الباحثون الذين حملوا إلى بوتقة الإنسان الأول المعادن الأصلية المخلوطة بالأتربة وغيرها. ومنذ ألوف من السنين جرى تعجين كثير من المعادن في طور سيناء بالشرق وفي كونرال في إنكلترا وفي مورييهان وإليه والبكرزو في فرنسا بلا كما جاء في كتاب علم الآثار قبل التاريخ أنه انتشرت من البحر المتوسط الشرقي معرفة مزج المعادن في بلاد الغرب بواسطة الطرق التجارية التي فتحت في العصر النحاسي وأحدث العصور قبل العصر الحجري الصنائع في أوربا الجنوبية وانتقلت تجارة المعادن من قبيلة إلى أخرى عَلَى شواطئ الأتلانتيك حتى بلغت الجزائر البريطانية وفي هذا أيضاً اكتشفت مناجم غزيرة نفق ما استخرج منها في أسواق الشمال والغرب بل والجنوب.
وقد انتقل تطريق المعادن من الشرق إلى الغرب ودلت بعض الآثار التي وجدت مصورة في صورة تصفية بارزة من عهد الدولة الخامسة المصرية وبعض ما وجد من الأثقال الحديدية في سويسرا بأنه كان في ذاك العهد مقاييس قابلة للوزن وأن التجارة كانت تربط إذ ذاك جمعاً من البشر أو من الأجناس.