وينذرون معلمي الكتاتيب بأن لا يضربوا الصبيان ضرباً مبرحاً ولا في مقتل وكذلك معلمو العلوم بتحذيرهم من التغرير بأولاد الناس ويقفون من يكون سيء المعاملة فينهونه بالردع والأدب وينظرون المكاييل والموازين وللمحتسب النظر في صاحب العيار ويخلع عليه ويقرأ سجله بمصر والقاهرة عَلَى المنبر ولا يحال بينه وبين مصلحة إذا رآها والولاة تشد معه إذا احتاج إلى ذلك وجاريه ٣٠ ديناراً في كل شهر.
وكان للعيار مكان يعرف بدار العيار تعير فيه الموازين بأسرها وجميع الصنج وكان ينفق عَلَى هذه الدار من الديوان السلطاني فيما تحتاج إليه من الأصناف كالنحاس والحديد والخشب وغير ذلك من الآلات وأجر الصناع والمشارفين ونحوهم ويحتضر المحتسب أو نائبه إلى هذه الدار ليعير المعمول فيها بحضوره فإن صح ذلك أمضاه وإلا أمر بإعادة همله حتى صح وكان بهذه الدار أمثلة يصحح بها العيار فلا تباع الصنج والموازين والأكيال إلا بهذه الدار ويحضر جميع الباعة إلى هذه الدار باستدعاء المحتسب لهم ومعهم موازينهم وصنجهم ومكاييلهم فتعير في كل قليل فإن وجد فيها الناقص استملك واخذ من صاحبه بهذه الدار وألزم بشراء نظيره مما هو محرر بهذه الدار ثم سومح الناس وصار يلزم من يظهر في ميزانه أو صنجه خلل بإصلاح ما فيها من فساد والقيام بأجرته.
قاضي القضاة
لم يتسم قاضي مصر بقاضي القضاة إلا في عهد الدولة الفاطمية تشبهوا في ذلك ببغداد.
وكان الخليفة هو الذي يعين القاضي إلا إذا كان هناك وزير رب السيف فإنه هو الذي يقلد القضاة نيابة عنه.
وتكون رتبة القاضي أجل رتب أرباب العمائم وأرباب الأقلام ويكون في بعض الأوقات داعياً فيقال له حينئذ قاضي القضاة وداعي الدعاة ولا يخرج شيء من الأمور لدينية عنه ويجلس السبت والثلاثاء بزيادة جامع عمرو بن العاص عَلَى طراحة ومسند حرير ويجلس الشهود حواليه يمنةً ويسرة بحسب تاريخ عدالتهم وبين يديه خمسة من الحجاب اثنان بين يديه واثنان عَلَى باب المقصورة وواحد ينفذ الخصوم إليه.
وله أربعة من الموقعين بين يديه اثنان يقابلان اثنين وله كرسي الدواة وهي دواة محلاة بالفضة تحمل إليه من خزائن القصور.