للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

شؤون الملك ولظهورها بادئ الأمر مظهر القائم بإرجاع سلطة الهاشميين وغير خفي أن القائمين بالدعوة كانوا من أهل خراسان، وأكثر هؤلاء إن لم نقل كلهم كانوا من أنصار آل هاشم، ولما رسخت قدم العباسيين في البلاد وقمعوا الثورات وجهروا بمعاداة شيعة علي رضي الله عنه ولكنها كانت خفيفة الوطأة أيام المنصور والمهدي والهادي، وثقلت وطأتهم عليهم أيام الرشيد فإنه تظاهر بمناهضة العلويين فسجن كبارهم وفتك بسادتهم وأهان عظمائهم حتى أنه سجن عدد كبير من سادات آل البيت وخرب قبر الحسين وقطع السدرة وكرب موضع القبر ولعل ذلك كان لارتيابه من شيعة علي، ولما جاء دور المأمون تنفس الشيعة الصعداء واستنشقوا ريح الحرية الرطيب وكان المأمون يتظاهر بحبه لآل البيت حباً جماً حتى أنه استعاض بلبس السواد وهو شعار العباسيين بلبس الخضرة وهو شعار العلويين وأوصى بالخلافة من بعده لعلي بن الرضا بن موسى الكاظم ولعل ذلك كيد منه لأخيه الأمين واسترضاء لمناصريه الخراسانيين، وفي زمن المأمون أعيد موضع القبر وأقيم عليه بناء شامخ.

وبقي الحال عَلَى هذا المنوال والشيعة في حالة حسنة إلى أن جاء دور المتوكل فضيق الخناق عليهم وطاردهم في الآفاق وأمر بهدم قبر الحسين وحرث أرضه وإسالة الماء إليه وأقام في المسالح أناساً يترصدون لمن يأتي لزيارته أو يهتدي إلى موضع قبره فحصل للشيعة من ذلك كرب عظيم، وقد نالت فرقة الشيعة شيئاً من الحرية عَلَى عهد المنتصر وكان هذا محباً لآل البيت ومقرباً لهم رافعاً مكانتهم معظماً قدرهم ومن حسانه إليهم أنه شيد قبر الحسين ووضع ميلاً عالياً يرشد الناس إليه، وفي خلافة المسترشد بالله ضاقت الأرض عَلَى رحبها بالشيعة لما أخذ المسترشد جميع ما اجتمع في خزانة القبر من الأموال والمجوهرات فأنفق عَلَى جيوشه قائلاً أن القبر لا يحتاج إلى خزينة إلا أنه لم يتعرض للبناء ولم يمسسه بسوء من ذلك الحين أخذت كربلاء بالاتساع فاتخذت الدور وشيدت القصور وأقيمت الأسواق.

وكان البناء الذي سيد في عهد المنتصر قد سقط في ذي الحجة سنة ٢٧٣هـ ٨٨٦م فقام إلى تجديده محمد بن زيد القائم بطبرستان في خلافة المعتضد العباسي سنة ٢٨٣هـ ٨٩٦م وقد زار القبر عضد الدولة بن بويه ٣٧٠هـ ٩٨٠م بعد أن بالغ في تشييد الأبنية حول