عليها وقاتل حاميتها وسكانها قتالاً شديداً، وكان سور المدينة مركباً من أفلاق نخيل مرصوصة خلف حائط من طين، وقد ارتكب الجيش فيها من الفظائع ما لا يوصف حتى قيل أنه قتل في ليلة واحدة ٢٠ ألف نسمة وبعد أن تم الأمير مسعود مهمته الحربية التفت نحو خزائن والقبر وكانت مشحونة بالأموال الوفيرة وكل شيء نفيس فأخذ كل ما وجد فيها. وقيل أنه فتح كنزاً كان فيه أموال جمة جمعت من الزوار، وكان من جملة ما أخذ لؤلؤة كبيرة وعشرون سيفاً محلاة جميعها بالذهب ومرصعة بالحجارة الكريمة، وأوان ذهبية وفضية وفيروز وألماس وغيرها من الذخائر النفيسة الجليلة القدر، وقيل أن من جملة ما نهبه سعود أثاثات الروضة وفرشها منها ٤٠٠٠ شال كشميري و٢٠٠٠ سيف من الفضة وكثير من البنادق والأسلحة وقد صارت كربلاء بعد هذه الواقعة في حال يرثى لها.
وقد عاد إليها بعد هذه الحادثة من نجا بنفسه فأصلح بعد خرابها وأعاد إليها العمران رويداً رويداً وقد زارها في أوائل القرن التاسع عشر أحد ملوك الهند فأشفق عَلَى حالتها وبنى فيها أسواقاً حسناء وبيوتاً قوراء أسكنها بعض من نكبوا، وبنى للبلدة سوراً حصيناً لصد هجمات الأعداء وأقام حوله الأبراج والمعاقل ونصب له آلات الدفاع عَلَى الطرز القديم وصارت عَلَى ما يهاجمها أمنع من عقاب الجوفامنت عَلَى نفسها وعاد إليها بعض الرقي والتقدم.
وفي سنة ١٢٤١هـ ١٨٢٥م وقعت واقعة عظيمة تعرف بوقعة المناخور - أمير الأخور أي أمير الاصطبل، وذلك أن الدولة العثمانية كانت في ذلك الزمن ضعيفة لاختلال الجيش الإنكشاري واستقلال البلاد القاصية واشتغالها بمحاربة العصاة في البلقان وطموح محمد علي والي مصر إلى الاستقلال واستقلال علي باشا لنلي تبه في ألبانيا، وكان والياً عَلَى العراق إذ ذاك داود باشا وكان تقياً عادلاً ورعاً مشهوراً بالدهاء وفرط الذكاء إلا أنه كان شديد الحرص عَلَى الانسلاخ من جسم الدولة والاستقلال بالعراق أسوة بمن تقدمه. فسعى بادئ بدءٍ إلى جلب قلوب الأهالي بما أنشأه من العمارات والبنايات والجوامع والتكايا. وقرب علماء العراق وبالغ في إكرامهم ونظم جيشاً كبيراً وأسلحة عَلَى الطراز الجديد حينئذ، فقاوم بعد ذلك يدعو الناس إلى بيعته، ولكثرة ما كان لديه من الأعوان بايعه أكثر مدن عراق العرب إلا كربلاء والحلة فرفعا راية العصيان وعند ذلك سير جيشاً ضخماً بقيادة أمير إصطبله وكانت عشيرة عقيل تعضده فأخضع القائد الحلة واستباح جاها ثم جاء