للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدين وعرفه والد صلاح الدين فأحسن إليه وأكرمه وميزه عن الأعيان والأماثل وعرفه صلاح الدين ومدحه بقصيدة ثم إن القاضي كمال الدين الشهروزي نوه بذكره عند السلطان نور الدين وعدد عليه فضائله وأهله لكتابة الإنشاء قال العماد فبقيت متحيرا في الدخول فيما ليس من شأني ولا وظيفتي ولا تقدمت لي به دراية ولقد كانت مواد هذه الصناعة عتيدة عنده لكنه لم يكن قد مارسها فجبن عنها في الابتداء فلما باشرها هانت عليه وأجاد فيها واتى فيها بالغرائب وكان ينشأ الرسائل باللغة المعجمية أيضا وحصل بينه وبين صلاح الدين في تلك المدة مودة أكيدة وامتزاج تام ولما اخذ صلاح الدين دمشق حضر بين يديه وأنشده قصيدة أطال نفسه فيها ثم لزم الباب ينزل لنزول السلطان ويرحل لرحيله فاستمر على عطلته مديدة وهو يغشى مجالس السلطان وينشده في كل وقت مدائح ويعرض بصحبته القديمة ولم يزل على ذلك حتى نظمه في سلك جماعته واستكتبه واعتمد عليه وقرب منه فصار من جملة الصدور المعدودين والأماثل المشهورين يضاهي الوزراء ويجري في مضارهم وكان القاضي الفاضل في أكثر أوقاته ينقطع عن خدمة السلطان ويتوفر على مصالح الديار المصرية والعماد ملازم للباب بالشام وغيره وهو صاحب السر المكتوم وصنف التصانيف القائمة من ذلك كتاب جريدة القصر وجريدة العصر جعله ذليلا على زينة دمية الدهر تأليف أبي المعالي سعد بن علي الوراق الخطيري والخطيري جعل كتابه ذليلا على دمية القصر وعصره أهل العصر للباخرزي والباخرزي جعل كتابه ذليلا على يتيمة الدهر للثعالبي والثعالبي جعل كتابه ذليلا على كتاب البارع لهرون بن علي المنجم.

وقد ذكر العماد في جريدة الشعراء الذين كانوا بعد المائة إلى سنة اثنين وسبعين وخمسمائة وجمع شعراء العراق والعجم والشام والجزيرة ومصر والمغرب ولم يترك أحدا إلا النادر الخامل وأحسن في هذا الكتاب وهو في عشر مجلدات وصنف كتاب البرق الشامي في سبع مجلدات وهو مجموع تاريخ وبدأ فيه بذكر نفسه وصورة انتقاله من العراق إلى الشام وما جرى له في خدمة السلطان نور الدين محمود وكيفية تنقله بخدمة السلطان صلاح الدين وذكر شيئا من الفتوحات بالشام وهو من الكتب الممتعة وانما سماه البرق الشامي لأنه شبه أوقاته في تلك الأيام بالبرق لطيبها وسرعة انقضائها وصنف كتب الفتح القسي في الفتح