وقد جرى البحث أيضاً لمنع إنشاء جريدة جديدة وان تبتاع الجرائد القديمة واحدة بعد أخرى. وبالحقيقة ان الصحافة كانت خاضعة لطريقة غريبة من الدعاوي والأحكام بحيث أصبحت المعارضة مستحيلة تقريباً حتى ان الحكومة إذا لم تجد مادة لمحاكمة الصحيفة تقيم على مديرها دعوى ترميه فيها بهوى في النفس وتحكم عليه بسلسلة مقالات لا سبيل إلى الحكم بها مفردة ولكنها إذا وضعت بعضها مع بعض تدل على أهواء مهيجة.
قال سينويوس من فصل في النشوء السياسي في فرنسا خلال القرن التاسع عشر: يظهر التاريخ السياسي في فرنسا منذ قرن لأول وهلة سلسلة غير مرتبطة الأجزاء من الثورات ومن ذلك وقر في صدور العالم خارج فرنسا ان الفرنسيس وحدهم شعب ذو أهواء في السياسة لا يعرفون ما يريدون وهذا عين ما كان يقال في الانكليز أواخر القرن التاسع عشر واليك مع هذا نظرة في تلك الثورات المغمضة التي بدت فيها في مظهر نشوء مدرك للغاية فقد كانت الأمة الفرنساوية في أواخر القرن الثامن عشر ملكية وان كانت أخذت تسير نحو الديمقراطية والعامية ولا سيما في المدن وأصقاع الشرق والجنوب حيث المجتمع أقرب إلى ان يكون ديمقراطياً والفلاحون أكثر عدداً وكبار المالكين أقل نفوذا ومن هذه السواد القائل بالملكية والديمقراطية انشق سنة ١٧٩٢ بما قام من شق عصا الطاعة للملك والبلاط الملكي حزب ثوري صغير لم يلبث ان أصبح جمهورياً على خلاف إرادته إلا قليلا وهو حزب قليل العدد عقد العزم ان يتولى زمام الأمر وبالقوة ان اقتضى الحال فاستولى على الحكم من سنة ١٧٩٢ إلى ١٨٧٠ أربع مرات وكان توليه له بطريقة واحدة وهو ضرب مركز الحكومة في باريز وإذ كان أشياعه قلائل لم يتيسر له ان يستولي كل الاستيلاء بصورة قطعية وذلك لان الأكثرية من الملكيين تعزم في الحال على تأسيس حكومة ملكية فتبدد الجمهوريين وهكذا كان يتبع كل انقلاب جمهوري إعادة الحكم الملكي فيدوم ريثما يقوم جيل جديد يتقوى به رجال الجمهورية ويكثرون سوادهم للقيام بانقلاب جديد ولكن كانت كل ثورة تحمل معها شطرا من أهل الحكم القديم (الملكية) ممن لا يستطيع البقاء بإعادة سلطانه وهذا التقلب حدث مرات أربعاً.
وهكذا أفاض المؤلف في الكلام على كل دولة في أوروبا فتكلم على بلاد القاع (بلجيكا وهولاندة) وسويسرا وثوراتها السلمية البديعة واسبانية والبرتغال وايطاليا وألمانيا قبل