للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فالفندق مستعمرة صغيرة ينقسم أقساما قد يختلف عدد القائمين بأعماله من ١٠٠ إلى ٣٥٠ شخصاً. ومدير الفندق سواء كان مالكه أو مديره مسئول عن كل ما فيه مديره ويعنى به ويمونه ويلاحظه ويسأل عن كل غلط يأتيه رجاله العاملون بإشارته أو النازلون عنده والقانون يسأله وحده فقط عن كل ما يحدث.

ولذا لا يكون صاحب الفندق ق في العبر رجلا عاديا يكتفي منه أن يكون حسن البذة عارفا بالقراءة والكتابة والحساب بشوشا مؤنسا بل هو رجل متعلم من الدرجة الأولى يحسن إدراك ألوف من التفاصيل في إدارة تحتوي غرائب معقدة بحيث يكون أهلا لان يتصرف في الحوادث اليومية التي قد تقع اضطرارا في عمل يحوي في حملته أعمالا صناعية وتجارية مختلفة وليست الأدوات التي يقوم بها الفندق ميكانيكية بل عقلية قد تتعارض فلا بدع إذا طلب هنا من صاحب الفندق أن يكون مهندساً نقاشاً سياسياً تاجراً بل طبيباً للأرواح والأشباح.

عرفت الأمم المتمدنة مكانة هذه الصناعة فجعلت لها المكان الأول في حياتها الاقتصادية والتجارية والصناعية وفتحت المدارس لتعلمها كما فتحت مدارس لتدبير المنزل الذي تتوقف عليه حياة البيوت وسعادتها وغبطتها ولقد كانت النفس تحدثني وأنا أشهد من لذاذة الحياة في فنادق الغرب ومساكنه (بانسيون) وحذاقة طهاتها ونظافة خدامها وخادماتها من لي بأن يأتي أناس من الطبقة المستنيرة المثرية من أبناء بلادي ليروا شاهداً عيانياً محسوساً على ترقي الغرب وتدني الشرق ويفاضلوا إذا رجعوا إلى أهلهم بين حالنا وحال غيرنا وينقل بعض ما يمكن نقله من أسباب النظافة وحسن تحضير المأكل وتنويعها وجمال السرر وبساطتها والغرف وفرشها والمقاعد والخزائن والمغاسل والحمامات وأماكن الاطمئنان وغير ذلك من أساليب الراحة والنعيم الذي لم يظفر يبعضه أغنى الأغنياء فينا اللهم إلا بعض عقلاء الكبراء في الحواضر الكبرى وخصوصا في مصر.

ولكم كنت اشتهي أن يأتي بضعة شبان ممن سبق لهم الخدمة أو النظر في فنادق مصر والشام واختلطوا بالإفرنج وعرفوا خصائصهم وتأنقهم في مطعمهم ومنامهم وملبسهم أن يقضوا ولو أشهرا في الفنادق الكبرى ويحضرون ولو سنة دروس مدروسة الفنادق وتدبير المنزل في سويسرا وأظن أن من يفتح فندقاً ويحسن النظر فيه بحيث يضاهي به أو يكاد