الشرقي سنة١٨٨٦ واستقلت اليونان سنة١٨٣٠ بعد أن حكمها العثمانيون نحو أربعة قرون وذلك بتدخل فرنسا وانكلترا وروسيا إذ ذاك وبعد تحطيم أسطولنا في وقعة نافارين سنة١٨٢٧ وفي معاهدة برلين أصلحت التخوم اليونانية من جهة الشمال.
هذه هي البلاد التي نشبت فيها الحرب البلقانية الأخيرة وبينا كانت أنظار العثمانيين متجهة إلى إفريقية في الخريف الماضي (١٣٣٠هـ - و١٩١٢م) ليروا ماذا يكون مصير طرابلس وبرقة أو ليبيا التي داهمت إيطاليا سواحلها بأساطيلها ورجالها واستولت عليها وأرادت أن تتوغل في داخلية البلاد فأخذ العرب من أهلها والنزر القليل من الحامية العثمانية فيها يناوشون العسكر الإيطالي القتال والعالم الإسلامي متأثر لهذا الاعتداء والعارفون موقنون بأن سهم القضاء نافذ في ذاك الإقليم العظيم لا محالة (المقتبس م٦ ص٦٧٢) أعلنت الحكومات البلقانية على العثمانية الحرب في الروم إيلي فقطع الجبل الأسود علائقه مع دولتنا في ٨ تشرين الأول وعملت بلغاريا كذلك في ١٤ منه وفي١٧ أعلن الحرب علينا كل من حكومتي الصرب واليونان فأصبحت بلاد الروم إيلي محصورة من الشمال والجنوب ومن البر والبحر ولم يبق للحكومة العثمانية صلة بها إلا من الشرق فقطع البلغار هذا الطريق أيضا باستيلائهم على جسر مصطفى باشا وقرق كليسا ولولو برغاس ودده اغاج على ساحل البحر الأبيض واضطرت جيوشنا إلى التقهقر إلى حصون جتالجة من ضواحي الأستانة واستولى اليونان على يانيا وسلانيك والصرب على مناستر وقصوصوة والجبل الأسود على ايبك.
فلما رأى رجال الارناؤد أو الألبان هذه الانتصارات أبوا أن يقاتل قومهم ورأوا أن استقلالهم ببلادهم والتزامهم الحياد ريثما تنفرج الأزمة أسلم لهم فامتنعوا عن الاشتراك مع العثمانيين في قتال البلقانيين بل أن الجند من أبنائهم الذي كان مع جال حاميتنا ركن إلى الفرار في وقت واحد يحمل أسلحته وذخائره.
وكان من أثر ذلك فشل العثمانيين في الروم ايلي فشلا لم يصابوا بمثله في تاريخهم ولو عاون الألبان جيوش الدولة من الشمال بقتالهم الصرب والجبل الأسود ومن الجنوب بكف عادية اليونان لما وفق الحلفاء البلقانيون الأربعة إلى نزع خمس ولايات من أهم ولايات السلطنة في الروم ايلي.