كانت الندية عند منشئها بادئ بدء مجتمعات أصحاب متعارفين تضم شملهم ليأكلوا فيها ويشربوا في أوقات مخصوصة ولم تكن أماكنها خاصة بمن يجتمع فيها فانتظمت مع الزمن وانقلبت قصوراً فخمة محترمة ولم يكن النساء يدخلنها لأول أمرها وكان لأعضاء النادي فندق خاص بهم يحتوي على غرفة مائدة ومكتبة ومحل للتدخين وحجر للنوم بحيث يكون المرء في ناديه كأنه في بيته الذي يؤويه ثم استخدمت الأندية للأحزاب السياسية ثم انقسمت أقساماً بحسب مقاصدها لان الغرب كما تعلمون بلاد الأخصاء والتخصص ولا سيما التي هي في مقدمة الأمم في التناغي بطبقاتها لا يستطيع فيها أهل طبقة معينة أن يختلطوا بغير طبقتهم.
تعددت الأندية بتعدد المقاصد فمنها السياسي والعلمي ومنها أندية الرياضات البدنية والحمامات والصيد وأندية اللعب والشرب وأندية العزاب والممتنعين عن التدخين والشراب وهناك نواد خاصة بأبناء حرفة معينة وطبقة معينة وفكر معين حتى صارت الأندية بالمئات في بريطانيا العظمى بل في كل الممالك التي دخلت في طور المدينة وكل يوم نسمع بأندية تؤسس عندهم فمما أسسوه في الولايات المتحدة نادي الأمهات يجتمع فيه ربات البيوت ليتداولن في تربية أولادهن وانشئوا في نيويورك مؤخراًنادياًللسجناء يأوي إليه من خرج من الحبس حديثاًفيتوسل له النادي بإيجاد عمل ينصرف إليه بعد سجنه. واغرب الأندية نادي المعمرين الذي أنشئ حديثاًفي طوكيو عاصمة اليابان فان أعضاءه اثنا عشر عضواً فقط بلغ كل منهم مئة وعشر سنين من عمره ومع هذا لم يزهد احدهم في الاجتماع مع أقرانه.
ولقد كان من اخترعوا هذا النوع من المجالس في الجزائر البريطانية أكثر الأمم استمتاعا بثمرات الاجتماع مع أن المشهور من أخلاق الانكليز كما قال إميل بوتمي أنهم أكثر الناس عزوفاً عن الاختلاط بغيرهم أو كما قال اميرسون فيلسوف الأميركان: انك تحسب الانكليزي إذا اجتمع مع الأجانب اخرس فهو لا يصافحك ولا يتركك تنظر ما في عينيه في الفندق ويلفظ اسمه بحيث لا يسمع فكل واحد من هؤلاء الجزائريين جزيرة برأسها فمن ثمرات الأندية عند البريطانيين أن أهل كل حرفة وطبقة يعرفون في أنديتهم اقدر الرجال