وتناسل السكان والخوف من إغلاق أميركا ذات يوم في وجه المهاجر الايطالي دعا ايطاليا إلى إن تفكر في فتح طرابلس وبرقة حيث يجد أبنائها ولا سيما في الجنوب مناخا يشبه مناخ بلادهم ويكونون على مقربة من أرضهم أو مسقط رؤوسهم مما دعاهم إلى الغارة على شمال إفريقيا ذكرى إن أجدادهم الرومان فتحوا تلك البلاد واستعمروها أيام عزهم قد كلفت هذه الحرب ٩٢٧ مليون فرنك. ربما كان الإيطاليون من الأمم الأوربية حبا بالهجرة ذلك لان بعض الجنود من بلادهم فقير بزراعته لأنك لا تجد في ايطاليا طبقة وسطى على الأغلب فإما الفقير معدم يولد له كل سنة ولا يجد في أرضه من الموارد الاقتصادية ما يقوم بعيشه أو غني كبير وهم قلائل ولذلك لم يبق إمام الإيطاليين إلا الهجرة فقد كان عددهم سنة ١٨٦١ أي بعد الوحدة بقليل ٢١ مليون وهم اليوم ٣٥ مليون بحسب الإحصاء الأخير دع الطليان المنبثين في أقطار العالم وعدد سكان من يقطنون في كل كيلو متر مربع ١٢٢ ساكنا أي أكثر من معدل السكان في ألمانيا وفرنسا ولا يفوق ايطاليا كثرة عدد السكان بالنسبة لمساحة الأرض من الممالك الأوربية إلا البلجيك وانكلترا وبلاد القاع (هولندا).
وأكثر المهاجرين يهاجرون هجرة مؤقتة وقلائل منهم من يهاجرون هجرة قطعية بل إن المهاجرين من يقضون الشتاء في أمريكا ويأتون في الصيف يحصدون أرضهم ويقطفون ثمرات أشجارهم ولولا النقد الذي يحمله أولئك المهاجرون من أميركا يضعونه في المصارف وصناديق التوفير ربطت حركة ايطاليا الاقتصادية لان النقد قليل فيها حتى تضطر الحكومة بل الأمة إن تجري أكثر معاملتها بالورق ولا تكاد تجد الذهب إلا نادرا. وقد بلغ من هاجروا ايطاليا من أبنائها في الشهور التسعة الأولى من هذه السنة ٣٢٥، ٣٣٥ مهاجرا ولا يقل عدد المهاجرين كل سنة عن ٥٠٠ الف ومنهم من يهاجرون إلى البلاد المجاورة ولا سيما جنوبي فرنسا ومنهم إلى أمريكا.
والعامل الايطالي قنوع للغاية يقتصد جانبا من هجرته ومنهم من يعودون برؤوس أموال إلى بلادهم المتعلقون بحبها فالعامل الإيطالي يقبض دولارا ونصف في الولايات المتحدة فيصرف النصف دولار ويقتصد الباقي حتى إذا عاد إلى قريته تحدثه نفسه إن يبتاع له