وافترقوا عنها ثم أرخوا بحرب بكر وتغلب ابني وائل وهي حرب البسوس وثم أرخوا بحرب عبس وذبيان ابني بغيض وهي حرب داس والغبراء وكانت قبل المبعث بستين سنة ثم أرخوا بعام الخنان قال النابغة الذبياني:
فمن بك سائلا عني فإني ... من الفتيان في عام الخنان
وأرخوا بعدة من مشاهير أيامهم وأعوامهم بعام المخانق وعام النائب ويوم ذي قار وبحرب الفجار وهي أربع حروب ذكرها المؤرخون وأسندها الراوون وأدنى ما أرخوا به قبل الإسلام بحلف الفضول منصرف قريش من الفجار الرابع وبحلف المطيبين وهو قبل حلف الفضول ثم بعام الفيل وهو الجار ذو القربى لتاريخ الإسلام وخرجت إمام الجمعة فطويت الصحف وجفت الأقلام واظهر الله على الأديان الدين القيم ونسخ تاريخ الهجرة كل تاريخ متقدم.
وقال في مفتتح فصل في ذكر ما جرت عليه حال الفرنجة في خروجهم من القدس وشرع الإفرنج في بيع الأمتعة واستخراج ذخائرهم المودعة وباعوا بالمجان في سوق الهوان وتقاعد الناس بهم فابتاعوا بأرخص الإثمان وباعوا بأقل من دينار كل ما يساوي أكثر من عشرة. وجدوا في ضم الذهبيات والفضيات من الأواني والقناديل والحريريات والمذهبات من الستور والمناديل ونقضوا من الكنائس الكمائن واستخرجوا من الخزائن والدفائن وجمع البطرك الكبير كل ما كان على القبر من صفائح التبر ومصوغات العسجد ومصنوعات اللجين وجميع ما كان في قمامة من الجنسين والنسيجين فقلت للسلطان هذه أموال الكنائس والأديار فلا تتركها في أيدي هؤلاء الفجار فقال إذا تأولنا عليهم نسبونا إلى القدر وهم جاهلون بسر هذا الأمر فنحن نجريهم على ظاهر الأمان ولا نتركهم يرمون أهل الإيمان بنكث الإيمان بل يتحدثون بما أفضناه من الإحسان فتركوا ما ثقل وحملوا ما عز وخف وتفضوا من تراب تراثهم وقمامة قمامتهم الكف وانتقل معظمهم إلى صور وكتفوا بالديجور الديجور وبقي منهم زهاء خمسة عشر ألفا امتنعوا عن مشروع الحق فاختصوا بمشروط الرق فإما الرجال وكانوا سبعة ألاف فأنهم ألفوا ذلا لم يكونوا آه بآلاف فاقتسمتهم أيدي سبا وتفرق الغانمون بجمعهم في الزهاد والربا وأحصيت النساء والصبيان ثمانية ألاف نسمة عادت بيننا مقتسمة وأصبحت ببكائها وجوه الدولة مبتسمة.