إلى نيسابور فدخلوها ووجدوا في خلوها فرصة فاهتبلوها وذلك في شهر رمضان سنة ٤٢٩ وعزموا على مد يد ونهب البلد فمنعهم طغرليك محمد بن ميكائيل بن سلجق وهو أميرهم وكبيرهم وقال لهم نحن في شهر حرام لأنهتك عصمته ولا يحصل من النهب ارب وإنما يسوئنه السمعة ويشيع الشنعة فنفرت جماعته من مقاله وسخفوا رأيه في تبيين حرام الفعل وحلاله.
إلى إن قال واستولوا على خراسان وتجاوزوها إلى العراق وطارا على ملك الديلى ورموه بالصليم وغلوا الأملاك وبلغوا الأفلاك واقتسموا البلاد وطرفوا إطرافها والبلاد قال وهذه السنة (٤٣٧) هي أول سنة ورد فيها الأتراك (السلجوقيين) إلى العراق وانتشروا منها في الأفاق ثم قال وأجفل الملوك من خوف إقدامهم وتنحوا من طريق ضرامهم فما جاؤوا إلى بلدة إلا ملكوا مالكها وملئوا مسالكها وأرعبوا ساكنيها واسكنوها الرعب وغلبوا ولاتها وولوها القلب وازوروا إلى الزوراء وأشاعوا مد اليد بالغارة الشعواء وقال في ظهور الإسماعيلية فنابت نوائب وظهرت العجائب وفارق الجمهور بيننا جماعة نشئوا على طباعنا وكالوا بصاعنا وكانوا معنا في المكتب واخذوا حظا وافرا من الفقه والأدب وكان منهم رجل من أهل الري وساح في العالم وكانت صناعته الكتابة فخفي أمره حتى ظهر وقام فأقام من الفتنة كل قيامه واستولى في مدة فريبة على حصون وقلاع منيعة وبدأ من القتل والفتك بأمور شنيعة وخفيت عن الناس أحوالهم ودامت حتى استتب على استتبا بسبب لن لم يكن للدولة أصحاب أخبار وكان الرسم في أيام الديلم ومن قبلهم الملوك أنهم لم يخلوا جانبا من صاحب خبر وبريد فلم تخف عنهم أخبار الأقاصي والداني وحال الطائع والعاصي حتى ولي في الدولة السلجوقية ألب ارسلان محمد بن داود ففاوضه نظام الملك في هذا الأمر فأجابه انه لا حاجة بنا إلى صاحب خبر فان الدنيا لا تخلو كل بلد فيها من أصدقاء لنا وأعداء فإذا نقل إلينا صاحب الخبر وكان له غرض اخرج الصديق في صورة العدو والعدو في صورة الصديق فاسقط السلطان هذا الرسم لأجل ما وقع لهم من الوهم فلم يشعر إلا بظهور القوم وقد استحكمت قواعدهم واستوثقت معاقدتهم وأخافوا السبل وأجالوا على الأكابر الأجل وكان الواحد منهم يهجم على كثير وهو يعلم انه يقتل فيقتله غيلة ولم يجد احد الملوك في حفظ نفسه منهم حيلة فصار الناس فيهم فريقين فمنهم من جاهرهم