للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

جنيف أما اليوم فلم تنشأ لهم مثل تلك الطبقة بل ينشأ لهم أهل عمل أقرب إلى الحقائق متشبعين بالحق عارفين المداخل والمخارج فخلف رجال الأعمال رجال الخيال.

امتاز السويسريون بالصناعات فاستفادوا من ذلك فوائد جمة في بلاد شحيحة بخيراتها صبعة المراس بطبيعتها الاقتصار على الزراعة فيها لا تسير به الحركة الاقتصادية على محورها. فليس فيها فحم حجري ولا معادن للصناعة ولا شواطئ بحرية ولا أنهار عظمى للتجارة فيها عقاب من جبال صعبة المرتقى أقيمت على التخوم في الجنوب والشرق والشمال وربعها غير صالح للزراعة لأنه مألف الثلوج والجليد طول السنة أو صخور لا ترتقي وتربة قاحلة وثلثيها صالح للغابات والشتاء يطول ويشتد في بعض مقاطعاتها ويغمرها بالثلوج برمتها وبحيرات هي كالخال في عنق ذات الجمال والدلال ولكن الإنسان العاقل يغلب الطبيعة أو يعرف كيف يستخدمها. فإن تلك الحواجز الجبلية قد خرقتها السك الحديدية بحيث أن سويسرا بعد أن كانت تحول دون الاتصال بين فرنسا والنمسا وبين إيطاليا وألمانيا أصبحت الصلة اللازمة بينها فشق القطار جميع الأصقاع وتسلل بخطوطه المنوعة حتى الأصقاع البعيدة عن التركيب الاجتماعي يحمل إليها مائية الحياة الاقتصادية ورشاشة من بحر المدينة واستعاضت سويسرا عن الفحم الحجري الأسود بما عندها من الفحم الأبيض وأحسنت ضبط المياه فدورت بها المعامل والمواد الأولية تجلب من الخارج ولكنها تعود بأرباح فائقة فإن ثلاثة أرباع صادراتها هي من حاصلات بدلت فيها اليد السويسرية وغيرت مثل القطن والحرير والشكولاتا وأنوع المطرزات والساعات.

أحسنوا هنا استخدام جميع أنواع التربة الصالحة للزراعة على أحدث الطرق الزراعية المنوعة فوفرت كرومها ومراعيها وكثرت فيها تربية البقر بما يلحقه من اللبن الزبدة والجبن حتى أن بعض مقاطعاتها الشرقية تبلغ حاصلاتها ٨٠في المئة من البقر وما يشتق منه والثلوج والجمد والصخور والشقيف وكانت من المعونات على الاستكثار من إقامة الفنادق والإنزال ليأوي إليها السياح الذين ملوا من رؤية الحضارة ويريدون أن يرجعوا شهراً أو شهرين إلى الطبيعة فليس في سويسرا حيوانها وجمادها وإنسانها شيء لم يحسن استخدامه ويجر في سبيله.

السويسريون عمليون في حياتهم الخاصة وهم كذلك في حياتهم العامة فلا تجد في الممالك