المكلفين بقرش. الاستقلال الإداري إلى جانب السلطة المحلية تختلق كل الاختلاف. المركزية في سويسرا الفرنساوية أكثر من غيرها في حين ترى نواحي أبينزل الألمانية جمهويات صغرى أنو جمهوريات تنوب عن جمهورية مستقلة إلا قليلاً وبهذا التغيير الكثير ساغ للأنظمة والأوضاع أن توافق أخلاق كل صقع وضرورياته وحاجات سكانة ورغائبهم التي تختلف باختلاف نوع الحياة. فالتعليم مثلاً إجباري في البلاد كلها يقضي على كل ولد أن يصرف في المدرسة من سن السادسة إلى الرابعة عشرة يتعلم فيها أموراً مشتركة بين المقاطعات كلها وما عدا ذلك فكل مديرية حرة بأن تنظم مدارسها على طريقتها وهي تطلق للنواحي حريتها أيضاً في بعض الأمور مدة التعليم في السنة تسعة أشهر ولكن بعض النواحي تقسم العطلة قسمين قسم وقت اشتداد الحر والآخر من آخر أيلول إلى أول كانون الأول وهو الزمن الذي تنزل فيه الماشية من الجبال وترعى في المروج إلى أوائل نزول الثلج تحت ملاحظة أولاد تلك القرى للتخصيص على هذه الصورة فوائد لا ينكرها إلا كل مكابر. يمنع التعديل الجائر ويحفظ للنواحي تنوعها وغرابتها ويبث روح الحياة المحلية والهمم الإفرادية ويزيد في ارتباط المرء بوطنه الصغير وهذه أحسن طريقة لتعريفه قدر الوطن الكبير وتحبيبه إليه. لكل مديرية وطنيتها فلها أعلام خاصة بها وألوان لا تشاركها فيها جارتها ولها أسلحة ولها شارات. وفي جميع الأعياد وعلى جميع المعاهد العامة توضع شارات لمديرية إلى جنب أعلام الاتحاد السويسري مثل دل برن وثور أوري ومفاتيح أونتروالد وكواكب فالي ومطرقة سان غال. لأن كل مديرية هي مملكة ووطن ولها تقاليدها وتاريخها وأمجادها فهي ليست مديرية بالمعنى الذي نتصوره في مصر والشام قطعة من بلاد اقتطعت منها كيفما اتفق بدون مراعاة الطبائع والتقسيم الطبيعي بل هي عضو حي نام واحد متماسك الأجزاء في الجسم الاجتماعي.
وربما قيل أن تخصيص كل بقعة بحقوق خاصة مما يفرق أجزاء الحياة السياسية فتختلف الأحزاب وتكثر فلا يستطيع مجلس النواب العام أن يقوم بعمل ولكن سويسرا ليست على مثل ذلك فإن إرادة الأمة تسري حتى على المخالف ويسكت المناقش بظهور الحجة وربما قيل أن هذه للامركزية المفرطة تشغل أهل كل ناحية بخصوصياتهم فلا يعودون يلتفتون لأرقى مما يتجاوز حدود دائرتهم الضيقة كما هو المشاهد من جرائدهم الحلية فإنها كلها