أستطيع أن أعامل عمالي والمستخدمين في إدارتي إلا معاملة الأكفاء نعم أمرهم ولكنني أحاسبهم في معاملتي كما أحاسن رصفائي في التحرير وأصدقائي.
وما ذلك إلا لأن الديمقراطية تأصلت فيهم وما ديمقراطية أميركا الشمالية التي يرد تاريخها إلى زهاءٍ مئة وثلاثين سنة وما ديمقراطية فرنس التي بلغت ٤٣سنة من العمر بالنسبة لجمهوريات الاتحاد السويسري إلا بنات وأطفال فجمهوريات سويسرا عمرها خمسة وستة قرون ولذلك ترى في السويسري شعوراً طبيعياً في المساواة وليس في جمهوريته أوسمة ولا ألقاب تشريف فالعامل يشرفه عمله والمفضل على أمته ترفعه على رأسها في حياته ومماته. ورئيس الجمهورية السويسرية هو من أهل الطبقة الوسطى لا يميزه عن سائر أنباء السبيل في شوارع مدينة برن شيء من الأبهة والعظمة التي يبدون بها بلادنا القائم مقام الصغير دع لمتصرف والوالي والقائد والوزير ولا تجد تشرفات في سراي الاتحاد السويسري التي تضم إليها مجلس الأمة ومجلس الأقاليم وينتخب مجلس الاتحاد السويسري كل سنة رئيساً يتولى رئاسة المجلس ورئاسة جمهورية هلفسيا السعيدة وليس هو في الحقيقة إلا عميد مستشاريه الستة.
ولا تشهد في بلاط حكومة سويسرا دسائس يراد بها بقاء الحكومة في أيدي المتولين عليها على نحو ما يقع في الأمم النيابية فإن المجلسين السويسريين لا يقبلان الوزارة قط فلا تعهد عندهم الأزمات الوزارية التي تسمع بها في الممالك الدستورية وإذا حدث خلاف بين المجلس والحكومة يتفاهمان بحرية إذا لم يتيسر لهما الاتفاق ويخضع المجلس الاتحادي أي الوزارة لإرادة مجلس النواب والأقاليم كما أن هذين المجلسين لا يماحكان ولا يراوغان. فمجلس الأمة لا يقلب الحكومة التي تنتخب مستشاروها السبعة أو وزراؤها السبعة كل ثلاثة سنين بل يجدد انتخابهم الفصل بعد الفصل لأنهم يكونون قد نشأت لهم تجارب مهمة في العمل. ورئيس مجلس الاتحاد السوري أو رئيس الجمهورية ينتخبه رصفاؤه الستة كل سنة ويعمل وإياهم بإخلاص وخلو غرض ويجددون انتخابه على رأس السنة وربما مضت الأعوام والرئيس لم يتغير لأنه إذا عمل العمل الصلاح وهو لا يعمل غيره بالطبيعة لا يرى من رصفائه من يحدسه على مركز الرئاسة.
رواتب النواب هنا مقسمة بحسب الجلسات فأعضاء المجلس الاتحادي ينتاول أحدهم عن