لقبوها فندق أوربا ولكن هذا اللقب وهذه الثروة التي يبذرها فيها الأجانب لم تحصلها عن عبث فإن علم جلب الغرباء وإمساكهم وحملهم على العودة ثانية بكمية أوفر قد أصبح في سويسرا علماً حقيقياً له أساليبه وقوانينه وإحصاآته وجرائده ومنشوراته المنوعة الظريفة وكلها متناسقة متساوقة كآلة الساعة وقد علمت السويسريين التجارب أن السائح يستمال بست قواعد من أحسن استخدامها اغتنى وأفاد واستفاد.
القاعدة الأولى: أن يزرع المرء كثيراً ليحصد أكثر فقد جعل السويسريون لنشر الإعلانات بالكلام والصور المقام الأول ما عدا إعلانات المحطات والمنشورات المصورة وغيرها من المقالات التي تدفع عليها الأجور الباهظة أحياناًُ في صحف سويسرا وغيرها والمقصود منها الإعلان وكل إدارة وكل نقابة توزع منشوراتها مجاناً وكثيراً ما تكون كبيرة الحجم يحتاج طبعها لمال كثير وعناية تامة من استجادة الورق والصور والجلود وفيها من كل شيء أطيبه بحيث تستدعي النظر إليها ولو بعد مدة وتنفق على ذلك كله نفقات هائلة ولكن الثمرات التي تعود منها قد قدرت بثلاثة أضعاف أو أربعة.
القاعدة الثانية: جميع تراكيب هذه الآلة متضامنة ولا تنافس بينها وهذه قاعدة اقتصادية مهمة وهو أن كل صاحب فندق لا تحدثه نفسه أن يحتكر جميع السياح بل يهتم لإنجاح المدينة أولاً ثم الناحية وأرباضها أو النجاح العام وهذا لا يتم إلا بالتضامن بين أبناء هذه الحرفة فيشترك مثلاً جميع أرباب الفنادق في بقعة ليعملوا عملاً يسر جمهور النازلين في فنادقهم وإنزالهم ويجلبوا السرور والراحة لهم على السواء ومثل ذلك التضامن نراه على أتمه أيضاً بين الإدارات والشركات المختلفة لا تحاسد بينها ولا تعاير في المصلحة قد ألف معظم أرباب الفنادق نقابات لهم فتألفوا مديرية أولاً ثم تألفت المديريات كلها نقابة واحدة آخراً فأصبحت فنادق سويسرا كالبنيان المرصوص ومثل ذلك أصبحت بعض القهاوي ومحال السماع ومحال إعطاء التعليمات وشركات التضامن نقابة خاصة يأتون كل ذلك على شرط أن يرضى السائح ويرتاح.
القاعدة الثالثة: أن تراعى حال جميع الطبقات بحيث يرضى كل سائح بالمعاملة التي يراها وذلك لأن سويسرا أدركت أن الرحلات اليوم قد أصبحت ديمقراطية أيضاً وإن المتوسط غناهم هم أكثر من الأغنياء أرباب اليسار بل هم أخلص وأشرف وعلموا بالإحصاء أن