للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فهذا شيء إلى الله تعالى لا إلينا فاعلمه أننا نحسن مجاورتنا له ونقضي زمامه بإحساننا إليه. قال فابتاع الموضع من الدهقان وابتدأ في البناء في أول سنة٨٣ واستتمه في سنة ٨٦ إلى آخر ما قال وفيه من كبر عقل الحجاج ما لا يقدر على الإجابة بأحسن منه اكبر ساسة العصر وأرقاهم بعلوم هذه الأيام ولا عجب فالعرب كانوا ينظرون في مسائل الصحة نظراً بليغاً. ذكر ياقوت في مادة حضوة انه شكا قوم من أهلها إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وباء أرضهم فقال لو تركتموها فقالوا معاشنا ومعاش إبلنا وطننا فقال عمر للحارث بن كلدة (طبيب العرب): ما عندك في هذا فقال الحارث البلاد الوبئة ذات الأدغال والبعوض وهو عش الوباء ولكن ليخرج أهلها إلى ما يقاربها من الأرض العذبة إلى تربيع النجم وليأكلوا البصل والكراث ويباكروا السمن العربي فليشربوه وليمسكوا الطيب ولا يمشوا حفاة ولا يناموا بالنهار فاني أرجو إن يسموا فأمرهم عمر بذلك ولذلك قال عمر وقد ذكرت له الشام ووباؤها: لبيت بركبة (أحب إلي من عشرة أبيات وقال في سيراف ما ملخصه: ذكر الفرس في كتابهم المسمى بالابستاق وهو عندهم بمثابة التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى إن كيكاوس لما حدث نفسه بصعود السماء صعد فلما غاب عن عيون الناس أمر الله الريح بخذلانه فسقط بسيراف فقال اسقوني ماءً ولبناً فسقوه ذلك بذلك المكان فسمي بذلك لان شير هو اللبن وآب هو الماء ثم عربت الشين إلى السين والباء إلى الفاء فقيل سيراف وهي على ساحل بحر فارس كانت قديماً فرضة الهند رأيتها وبها آثار عمارة حسنة وجامع مليح على سواري ساج وهي في لحف جبل عال جداً وليس للمراكب فيها مينا فالمراكب إذا قدمت إليها كانت على خطر إلى إن تقرب منها إلى نحو فرسخين موضع يسمى نابذ هو خليج ضارب بين جبلين وهو مينا جيد غاية وإذا حصلت المراكب فيه امتنعت جميع أنواع الرياح وبين سيراف والبصرة إذا طاب الهواء سبعة أيام. ووصفها أبو زيد حسب ما كانت في أيامه فقال أنها الفرصة العظيمة لفارس وهي مدينة عظيمة ليس بها سوى الأبنية حتى يجاوز على نظر عملها وليس بها شيء من مأكول ولا مشروب ولا ملبوس إلا ما يحمل إليها من البلدان ولا بها زرع ولا ضرع ومع ذلك فهي أغنى بلاد فارس قلت (أي ياقوت) كذا كانت في أيامه فمنذ عمر ابن عميرة جزيرة قيس صارت فرضة الهند واليها منقلب التجار خربت سيراف وغيرها ولقد رأيتها وليس بها قوم إلا