وصناديق منذ القرن الخامس والسادس ومنها نموذجات في دار الآثار العربية في القاهرة كانت وما زالت موضع إعجاب من يحبون بقاء المادة وإبقاء الآثار. والغالب أن أرز لبنان الذي بني به هيكل سليمان وكان الفراعنة ينقلونه على سفنهم من شواطئ سورية إلى شواطئ مصر كان ولا يزال أعظم خشب لا تبلي الأيام جديدة هذا مع انه كان في مصر غابات ولا سيما على عهد الخلفاء الفواطم وسلاطين بني أيوب استخدم خشبها لعمل المراكب للأسطول ولا شك في انه عدا هذه الأشجار المعدة للبحرية من زرع شجر آخر نجد خشبه في معروضات دار الآثار الكثيرة ولجفاف هواء مصر صار الخشب يحفظ جيداً في ربوعها ومن ثم أضحى له دخل كبير في أبنيتها إلا ترى أن دعائم جامع ابن طولون التي يزيد عمرها على ألف سنة لا تزال بها السافات الخشب الأصلية وكذلك أقدم القباب المعمولة من الآجر تحتوي على مجموعة من الخشب أشبه بشيء بالقفص أو الهيكل الذي أقيمت عليه القبة وهناك إفريز نقش عليه القرآن الكريم كله بالقلم الكوفي. أما في بلاد الشام فإن أقدم خشب عثر عليه فيما نذكر تابوت السلطان صلاح الدين في مدفئته شمالي جامع بني أمية فتح في أوائل هذا القرن عندما ترميم القبة ثم أعيد إلى ما كان عليه كأنه عمل الساعة لم يلحقه سوس ولا أرضة ولا رطوبة ولا شيء من مفسدات الخشب وفي دار الآثار الإسلامية في الأستانة نموذجات من الخشب القديم ولكنها غير قديمة كثيراً على ما يظهر. وقد قرأنا في المجلة الباريزية أن في عينة الفرنسوية شجراً اسمه المانجروف وهو أشبه بخشب الأرز بمتانة ابتاعت إحدى شركات السكك الحديدية منه ألواحاً سنة ١٩٠٩ لتجعلها عوارض في الخطوط فغمرتها منذ ذاك العهد في بئر جعلت فيها جميع عناصر الإفساد للخشب ولا تزال الألواح سليمة بحالها وكثافة هذا الخشب تبلغ ١١٠ في حين أن كثافة البلوط ٧٠ وكثافة الصنوبر ٤٠ وتكثر فيه المادة الدابغة التي تقيه سطوات الحشرات وهو لين صعب قطعة يستعمل عوارض للسكك الحديدية وعمداً للجسور ودعائم في إنفاق المناجم ولتجارة السفن وغير ذلك.
الحرب والعناصر
اصدر احد الانكليز بحثاً في تأثير الحرب في أجيال الناس وعناصرهم فقال أن تأثيرات الحرب هي منافية لقاعدة الانتخاب الطبيعي وبقاء الأنسب فإن تقاتل الأمم يبيد العناصر