للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القس الرومي.

وكان عبد المسيح بن عبد الله الناعمي الحمصي المعروف بابن ناعمة متوسط النقل وهو إلى الجودة وفي درجته زوربا بن ما نحوه (مانجوه) الناعمي الحمصي وكان هلال بن أبي هلال الحمصي صحيح النقل ولفظه مبتذل وكذلك كان فتيون الترجمان يلحن ولا علم له بالعربية وكان أبو النصر بن أيوب قليل النقل لا يعتد بما نقل ويفوقه بسيل المطران وكان إلى الجودة اقرب ومن المتوسطين في نقلهم اسطاث وحيرون بن رابطة وإبراهيم ابن الصلت وثابت الناقل ويوسف الناقل ومنصور بن باناس وعبد يشوع بن بهريز وابراهيم بن بكس.

هؤلاء التراجمة الذين عرفناهم في الإسلام وأكثرهم كانوا يرتزقون من نقلهم ويعملون مدفوعين بتنشيط الملوك والأمراء والحريصين على خدمة العلم إلا يعقوب بن اسحق الكندي فيلسوف العرب واحد أبناء ملوكها فإنه كان ينقل لنفسه ولم يرتزق بما يكتسب.

وعلى الجملة فإن العباسيين عنوا بنقل الكتب وصرفوا الأموال الطائلة في هذا السبيل الشريف وقد شيدوا مدرسة لتربية المترجمين سموها مدرسة الألسن لا يدخلها إلا من أراد أن يختص بالنقل والترجمة وكانت تحت نظارة طبيب نسطوري.

هذا ملخص تاريخ الترجمة في زمن الأمويين والعباسيين ولا سيما المنصور الرشيد والمأمون ولولا اهتمامهم بنقل العلوم لما نهضت اللغة العربية في ذلك الزمن واستجر العمران وأضحت مدنية العرب من أرقى المدنيات يحق لكل عربي أن يفاخر بها ولكن ذكرى السلف لا تجد بنا نفعاً إذا لم نسلك طريقهم وننسج على منوالهم فنرفع أعلام العلم ونتربى على أدب النفس والدرس ولا بأس من ذكر ما قاله المؤرخ الشهير سيديو عن التمدن العربي إذ بذلك نذكر الذين يغمطون من قدر العرب ولا يعترفون لهم بمدنية علمية أخلاقية وهو قول من لم يفقه كلمة واحدة من التاريخ الإسلامي قال: أن التمدن العربي قد تمكنت أصوله في آفاق الدنيا أقوى تمكن ولا تزال إلى الآن نرى آثاره حين نبحث عن أصل مبادئ ما نحن عليه من المعلومات الأوربية فان العرب في غاية القرن الثامن بعد الميلاد فقدوا الحمية الحربية وشغفوا باقتناء المعارف حتى أخذت عما قليل مدائن قرطبة وطليلة والقاهرة وفارس ومراكش والرقة وأصفهان وسمرقند تفاخر بغداد بنيل العلوم