الرستاق وهم حنفية يجيئون إلى البلد بالسلاح الشاك ويساعدون أهل نحلتهم فلم يغنهم ذلك شيئاً حتى أفنوهم فهذا المحال الخراب التي ترى هي محال الشيعة والحنفية وبقيت هذه المحلة المعروفة بالشافعية وهي اصغر محال الري ولم يبق من الشيعة والحنفية إلا من يخفي مذهبه ووجدت دورهم كلها مبنية تحت الأرض ودروبهم التي يسلك بها إلى دورهم على غاية الظلمة وصعوبة المسلك فعلوا ذلك لكثرة ما يطرقهم من العساكر بالغارات ولولا ذلك لما بقي فيها احد.
ومثل ذلك مدينة ساوة بين الري وهمذان قال وبقربها مدينة يقال لها آوه فساوة سنية شافعية واوه أهلها شيعة أمامية وبينهما نحو فرسخين ولا يزال يقع بينهما عصبية وما زالتا معمورتين إلى سنة ٦١٧ فجاءها التتر وخربوها وقتلوا كل من كان فيها ولم يتركوا أحداً البتة وكان بها دار كتب لم يكن في الدنيا أعظم منها بلغني أنهم احرقوها.
وهكذا ذكر بالمناسبة ما أحدثه التعصب الديني في خراب البلدان فقد ذكر في أبي محمد هياج بن محمد الحطيني الزاهد انه استشهد بمكة في وقعة وقعت بين أهل السنة والرافضة فحمله أميرها محمد بن أبي هاشم فضربه ضرباً شديداً على كبر السن ثم حمل إلى منزله فعاش بعد الضرب أياماً ثم مات في سنة ٤٧٢ قلنا والفتن الدينية لم تكد تخلو منها جهة من جهات بلاد الإسلام بضع سنين فقد ذكر المؤرخون في حوادث سنة خمس وسبعين وأربعمائة انه كانت فيها أيضاً فتنة ببغداد بين الشافعية والحنفية وكل هذه الفتن كانت تسيل فيها الدماء إلى الأباطح وما سببها إلا ضعف العمال وانتفاعهم سراً من الاختلاف بين أهل البلد الواحد فهم يفرحون بكل ما يقع إذ كان ينتج لهم بسط سلطاتهم بإشغال الناس عن النظر في أمورهم وكان استبعاد الملوك للرعايا يختلف باختلاف رقي البلد والقطر فقد روى ياقوت في مادة زغاوة وهم جيل من السودان يعظمون لملكهم ويعبدونه من دون الله تعالى ويتوهمون انه لا يأكل الطعام ولطعامه قومه عليه سراً يدخلونه إلى بيوته لا يعلم من أين يجيئون به فإن اتفق لأحد من الرعية أن يلقى الابل التي عليها زاده قتل لوقته في موضعه وهو يشرب الشراب بحضرة خاصة أصحابة وشرابه يعمل من الذرة مقوى بالعسل وزيه ليس سراويلات من صوف رقيق والاتشاح عليها بالثياب الرفيعة من الصوف الاسماط والخز السومي والديباج الرفيع ويده مطلقة في رعاياه ويسترق من شاء