للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الروم رسولاً من عند الملك فأمر الربيع أن يطوف به في المدينة حتى ينظر إليها ويتأملها ويرى سورها وأبوابها وما حولها من العمارة ويصعده السور حتى يمشي من أوله إلى آخره ويريه قباب الأبواب والطاقات وجميع ذلك ففعل الربيع ما أمره به فلما رجع إلى المنصور قال له: كيف رأيت مدينتي قال: رأيت بناء حسناً ومدينة حصينة إلا أن أعداءك فيها معك قال: من هم قال: رأيت السوقة يوافي الجاسوس من جميع الأطراف فيدخل الجاسوس بعلة التجارة والتجار هم برد الآفاق فيتجسس الأخبار ويعرف ما يريد ويتصرف من غير أن يعلم به احد فسكت المنصور فلما انصرفت البطريق أمر بإخراج السوقة من المدينة وتقدم إلى إبراهيم بن حبيش الكوفي وخراس بن المسيب اليماني بذلك وأمرهما أن بيينا ما بين الصراة ونهر عيسى سوقاً وان يجعلاها صفوفاً ورتب كل صنف في موضعه وقال اجعلا سوق القصابين في آخر الأسواق فإنهم سفهاء وفي أيديهم الحديد القاطع. . .

ولياقوت اقتدار عظيم في وصف أخلاق الشعوب وعاداتهم خصوصاً ما يحققه بنفسه مثل كلامه على أهل مرباط فرضة مدينة ظفار قال: وأهلها عرب وزيهم وفي العرب القديم وفيهم صلاح مع شراسة في خلقهم وزعارة وتعصب وفيهم قلة غيرة كأنهم اكتسبوها بالعادة وذلك انه في كل ليلة تخرج نساؤهم إلى ظاهر مدينتهم ويسامرون الرجال الذين لا حرمة بينهم ويلاعبهم ويجالسهم إلى أن يذهب أكثر الليل فيجوز الرجل على زوجته وأخته وأمه وعمته وإذا هي تلاعب آخر وتماشيه فيعرض عنها ويمضي على امرأة غيره فيجالسها كما فعل بزوجته وقد اجتمعت بكيش بجماعة كثيرة منهم رجل عاقل أديب يحفظ شيئاً كثيراً وأنشدني إشعاراً وكتبتها عنه فلما طال الحديث بيني وبينه قلت له: بلغني عنكم شيء أنكرته ولا اعرف صحته فبدرني وقال: لعلك تعني السمر قلت ما أردت غيره فقال: الذي بلغك من ذلك صحيح وبالله اقسم انه لقبيح ولكن عليه نشأنا وله مذ خلقنا ألفنا ولو استطعنا أن نزيله لا زلناه ولو قدرنا لغيرناه ولكن لا سبيل إلى ذلك مع ممر السنين عليه واستمرار العادة به.

ومن ذلك ما ذكره في أمانة أهل قزدار من نواحي الهند: وفي كتاب أبي علي التنوخي حدثني أبو الحسن علي بن لطيف المتكلم على مذهب أبي هاشم قال: كنت مجتازاً بناحية قزدار مما يلي سجستان ومكران وكان يسكنها الخليفة من الخوارج وهي بلدهم ودارهم