وقال في زقاق بن واقف: وقد تتغير أسماء الأماكن حسب تغير أهلها.
وقال في مادة عكوتان: وجبلا عكاد فوق مدينة الزرائب (باليمن) وأهلها باقون على اللغة العربية من الجاهلية إلى اليوم لم تتغير لغتهم بحكم أنهم لم يختلطوا بغيرهم من الحاضرة في مناكحة وهم أهل قرار لا يظعنون عنه ولا يخرجون منه.
ومؤلفنا لا تفوته شاردة إلا ويأتي بنموذج منه قوله في نقيرة في كتاب أبي حنيفة إسحاق بن بشر بخط العبدري في مسير خالد بن الوليد رضي الله عنه من عين التمر ووجدوا في كنيسته صبياناً يتعلمون الكتابة في قرية من قرى عين التمر يقال لها النقيرة وكان فيهم حمران مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه. وذكر في ترجمة أبي عبد الله محمد بن خفيف الشيرازي شيخ الصوفية ببلاد فارس وواحد الطريقة في وقته انه لما توفي بشيراز سنة ٣٧١ عن نحو مائة وأربع سنين خرج مع جنازته المسلمون واليهود والنصارى.
وهنا نختم هذا البحث - الذي طال لنا توخينا نقل عبارات ياقوت برمتها لمتانتها وسلاستها ولان فيها من الفصح ما يجدر بطلاب الآداب واللغة أن يقبسوه - بقصة وقعت لفقيه مع خليفة وفيها عبرة العبر في خراب البلدان وعمرانها بل هي السر الأعظم فيهما. قال: كان أبو خالد عبد الرحمن بن زياد بن انعم الأفريقي قاضيها وهو أول مولود ولد في الإسلام بافريقية تكلموا فيه فقدم على أبي جعفر المنصور ببغداد قال: كنت اطلب العلم مع أبي جعفر أمير المؤمنين قبل الخلافة فأدخلني يوماً منزلاً فقدم إلي طعاماً ومريقة من حبوب ليس فيها لحم ثم قدم إلي زبيباً ثم قال: يا جارية عندك حلواء قالت: لا قال ولا التمر قالت: ولا التمر فاستلقى ثم قرأ هذه الآية (عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستحلفكم في الأرض فينظر كيف تعلمون قال: فلما ولي المنصور الخلافة أرسل إلي فقدمت عليه والربيع قائم على رأسه فاستدناني وقال: يا عبد الرحمن بلغني انك كنت تفد على بني أمية قلت: اجل قال: فكيف رأيت في سلطاني من سلطانهم وكيف ما مررت به من أعمالنا حتى وصلت ألينا قال: فقلت يا أمير المؤمنين رأيت أعمالاً سيئة وظلماً فاشياً والله يا أمير المؤمنين ما رأيت في سلطانهم شيئاً من الجور والظلم إلا ورايته في سلطانك وكنت ظننته لبعد البلاد منك فجعلت كلما دنوت كان الأمر أعظم أتذكر يا أمير المؤمنين يوم أدخلتني منزلك فقدمت إلي طعاماً ومريقة من حبوب لم يكن فيها لحم ثم قدمت زبيباً ثم قلت يا جارية عندك حلواء