وعند بزوغ شمس أيار كان اختراق الخطوط الروسية على ديانتز وفي غاليسيا الغربية مقدمة لتقدم هجوم الدول الوسطى في الساحة الشرقية ذلك الهجوم الذي كله فوز ونجاح. وتطهرت بيكوفينا وأعالي الكاربات وسفوحه وبقاع غاليسيا ولم يبق هنالك عدو بل أكره هذا على أن يخلي خطوط الفستول - نارف - بوهر المحصنة وأجلي عن قارسوفيا عاصمة بولونيا وكذلك أضاع الخط الثاني من خطوط دفاعه في الغرب مع قلاع برست ليتوسك وغرودونو وكوفنو وأجبرت مطاردة الجيوش الألمانية والنمساوية الظافرة العدو على الالتجاء إلى الداخلية متخلياً للغالبين عن كل منطقة الدفاع الغربية مع الحصنين العظيمين ليزك ورينيو في أيالة ولهينا.
ولما عين القيصر قائداً عاماً للجيوش الروسية بدلاً من الغرادوق نقولا تذرع الروس بهجوم أحدثوه في نقاط متعددة من شرق ويلنا وبصورة خصوصية في أيالة ويلبينا فبقيت مساعيهم المدخرة لدحر جيوش الدول الوسطى بلا طائل وبالعكس فإن هؤلاء قد ظلوا محتلين للمراكز التي أخذوها من العدو والتي تمتد من تخوم رومانيا حتى سزرتوفيتزا وتضم إليها ايسيايلا مع قناة أوزنسكي وسرفتش ونيامن وفيليا مع البحيرات الواقعة في الجنوب من دونابورغ - ديتا حتى خليج ريغا وأصبح الجنود في مراكزهم التي توفرت فيها كل الاستعدادات لهجوم يثار في البرد القارس يستطيعون به أن يضعوا أمام هجمات الروس العنيفة سداً حائلاً يرجعهم القهقرى أذلاء صاغرين حتى ينسلخ فصل الشتاء فيعود هؤلاء الجنود إلى استعادة هجومهم المكلل بالفوز. وقد حولت الدولة العثمانية وجهتها في عام ١٩١٥ إلى النظر في معارك شيه جزيرة كليبولي التي كان يحتلها جنود الاتفاقيون بقصد إخضاع الدردنيل والوصول إلى العاصمة العثمانية فلم تثمر هجماتهم ومحاولاتهم على الرغم من كثافة قواتهم وكثرة معداتهم وعظمة أساطيلهم وكل ما قاموا به من المهاجمات أبطل أمام شدة الجيش العثماني وصلابته ورأينا الإنكليز في نواديهم يجهرون بهذه الخسائر التي ألمت بهم في أنافرطة وأري بروني وسد البحر رأيناهم ينتقدون أنفسهم وأخيراً رأيناهم ينزحون عن مرابع الدردنيل فكانت هذه الكسرة ضربة قاضية على ما للاتفاق من النفوذ الممتد في بلاد المتحايدين وتلاشت كل سلطة ونفوذ لهم في بلاد المسلمين. أما في القفقاس فلم يحدث في عام ١٩١٥ حادث خاص فقد حصر العثمانيون اهتمامهم في الدفاع