وسعة معارفه في التاريخ والطب وكان واعظاً بليغاً توفي نحو سنة ١٨٧. عن نحو ستين سنة. وله أولاد وحفدة في حمص. إلى غير ذلك مما يدل على أن العلم في هذه الأسرة موروث والشعر متسلسل. وأعظم علمائهم المترجم.
٢ - نشأة المترجم
هو الشيخ إبراهيم بن عيسى بن يحيى (أو يوحنا) بن يعقوب بن سليمان بن فرح الغساني الحوراني. ذهب والده عيسى إلى حلب نحو سنة ١٨٣٨ للاتجار بالمنسوجات وتدبرها إلى أن ولد له فيها المترجم في مساء ١٤ أيلول سنة ١٨٤٤ (رومية) فعاد به أبوه وبأخيه الأكبر إلى موطنه حمص والمترجم ابن سنة فترعرع فيها وتعلم مبادئ الحساب عند حائك بارع بالقواعد الأربع ومبادئ الصرف والنحو في الأجرومية على يد القس أبيلا والخوري بطرس الأرقش وبعض العلوم على الخوري عيسى الحامض أديب حمص في عهده. وكان يجمع أترابه ويدرسهم ما درسه. وولع بالزجل والمواليا من فنون الشعر العامي فنظمها وهو في الحادية عشرة فتناقل المنشدون قدوده يتغنون بها منها في البغدادي:
يا ساكن البان صبري من بعادك بان ... يبكي دماً كلما غنى حمام البان
سرك كتمته ولكن من دموعي بان ... والدمع فضاح أرباب الهوى في الصبا
يا روح عطفاً على العاني أسير الصبا ... مولاي شكواي ألطف من نسيم الصبا
وإن كان بتهز عطفك يا غصين البان
ونظم الشعر الموزون في سن الثانية عشرة من العمر كما سنرى في شعره
وسنة ١٨٦. نزح بيتهم إلى دمشق فتعرفوا فيها إلى الدكتور مخايل مشاقة فأعجب بذكاء المترجم وأقنع والده بإدخاله إلى مدرسة عبية الأميركية فدخلها سنة ١٨٦١ وبقي فيها إلى سنة ١٨٦٤ فأحكم بعض العلوم وعاد إلى دمشق فأتمها على بعض علمائها فدرس الرياضيات والفلك والمنطق على يد الدكتور مخايل مشاقة والطبيعيات والكيمياء على الدكتور يوسف دمر ومبادئ الإنكليزية على السيدة كروفرد. ولكنه كان يعلم نفسه بالبحث والاستقراء والتدبير والمطالعة كما قال في مقالة أنشأها بعنوان أنا معلمي سنة ١٩١٣وهو: وما زلت منذ ذلك الوقت أي زمن الصبوة أطالع وأتعلم إلى هذه الساعة فاستفدت من تعليم نفسي أضعاف ما استفدته من معلمي ودرس في بعض المدارس البسيطة في ضواحي