للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان طويل القامة ممتلئ الجبهة حنطي اللون روماني الأنف أجش الصوت وخطه الشيب في آخر حياته ومن أخلاقه أنه كان حاد الطبع سريع الرضا كثير الجلد على العمل لا يكاد يمل ولا يكل من البحث والمراجعة. وإذا نظم ترنم بالوزن سريع الخاطر حاضر الذهن دقيق البحث في الوضع واللغة والترتيب واسع الاطلاع يسير بالقارئ بين حزون المباحث وسهولها. ترجم وألف وصحح أكثر من ٢٥ كتاباً. فكان جبار علوم ومقدام أعمال متحلياً بأجمل الصفات الأدبية مع ترو وتثبت وتحقيق وتدقيق محباً للآداب والأدباء غيوراً على اللغة وأبنائها. فهو من أ - هم أركان النهضة العصرية بلا مراء.

٣ - شعره

كانت مزية شعر الحوراني علمية الأسلوب والنزعة رشيقة التعبير متينة القوافي بليغة المعاني فصيحة الألفاظ دقيقة الخيال جامعة بين جزالة القدماء وأفكار المعاصرين. وله ارتجال بليغ ومعربات شعرية أجاد في نقلها مظهراً بلاغتها الأصلية.؟ كيف لا وقد ورث الشاعرية عن أسلافه كما مر ونظم في سن الثانية عشرة موزوناً وفي الحادية عشرة نظم الأزجال والموالينا وغيرها ولكنه كان قليل الحرص على حفظها فتشتت حتى قيل: أنها لو جمعت كلها لكانت خمسة أمثال شعر المتنبي أو تزيد. وقال بعضهم: أنه لا يلام إلا على إهماله جمع منظومه فمرثيته للشيخ ناصيف اليازجي وغيره من المشاهير فقدت من بين أوراقه. وقد اعتنى الأستاذ داود أفندي قربان بجمع ديوانه مما وعته حافظته المشهورة ومما رآه عند أصحابه ونشر بعضها بعنوان (الدقيق الحوراني) في (مجلة المورد الصافي) البيروتية. وسعي في حياة المترجم بجمع ديوانه فاطلع عليه قبل وفاته وأثبت ما صحت روايته منه. وكان يقول عن الأستاذ قربان: أنه روايته وذاكرته كما كان لدماء الشعراء رواة يحفظون منظوماتهم. وبعض أشعاره بدأ بنشرها في جريدة الرئيس التي تولى تحريرها. ثم في جريدة النشرة الأسبوعية وغيرها مم تناقله الأدباء فمتن أول أشعار صباه مورياً بأبواب حمص:

ويونانية في باب (هود) ... سبت بالحسن عادات العريب

فتحت لوصلها أبواب قلبي ... فلوصلها هجرها (باب الدريب)

ومنه وقد سمع من أبيه نظم جده وحثه على تحديه فقال مضمناً ذلك: