وأكثرها سكاناً حتى قدرت الزيادة فيهم مدة عشرين سنة بأكثر من ثلاثين مليوناً ويسكن الكيلو متر الواحد من الناس في الأرض القابلة للسكن ضعفاً ما يسكن في الممالك المتمدنة في أوروبا ومع هذا نشأت خطوب كثيرة منها مجاعات ذهبت بأرواح مئات الألوف من السكان في أدوار متعددة فلم تنفع السكك الحديدية والأسلاك البرقية وهلك في ولاية أوريسا وحدها سنة ١٨٦٦ من الجوع فقط مليون إنسان كما هلك ١٢. . . . . سنة ١٨٦٨ في إقليم بنجاب وفي سنة ١٨٧٤ هلك مليون وربع من الهنود في مملكة الدكن. فهل كانت الحروب تحصد أكثر من هذا القدر من الناس وهلا كان الهلاك في الحرب أشرف وأعظم في حسن الأحدوثة؟ وبعد فإن خير الطرق لإعداد النفوس إلى ما عساه يطرأ على الأمم هو أن تبث فيها روح وعواطف يقال لمجموعها ألفكرة الجندية وهذا هو أقوى دعامة في الجيش وبدونه لا أمل لشعب في إحراز مظهر في الوجود بل يشبه حملاً ضعيفاً ليس له حول ولا طول. من أجل هذا وجب على كل من يحب وطنه أن يربي أولاده تربية جندية ويبث هذه الروح في الجنود الذين لم تمكنهم أحوالهم فيما مضى من تلقف هذه الروح حتى لا يكون حال الأمة التي تطالب بالسلام حال البيزنطيين في الأستانة أيم جاءها محمد ألفاتح يتجادلون في المسائل اللاهوتية وألفاتح يحط رحاله في أسوار القسطنطينية. يتوقف الانتصار في الحروب على معنويات الجيوش لا على كثرة عددها فهي التي تغلب وتقطف ثمرات الحرب الأخيرة. وقد أفادتنا الحرب العامة أن دول الاتحاد (ألمانيا والنمسا والمجر والعثمانية) اقل جنداً ونفوساً من الاتفاقيين (روسيا وإنكلترا وفرنسا وإيطاليا والبلجيك والبرتغال والصرب الجبل الأسود واليابان) ومع هذا رأينا الغلبة للاتحاديين على الوفاقيين وعلمتنا أمن لاتحاد ألفكر بين القواد والضباط العامل الأقوى في الغلبة فأحلافنا لم يختلفوا ساعة على المصلحة على حين ترى أعداءنا كل يوم في شأن من أجل القيادة والمحور الذي يدور عليه العمل للوصول إلى الغاية. هذا بعض ما تجر الحروب من ألفوائد التي أقرها علماء الاجتماع وأيدتها الشواهد التاريخية الكثيرة فإن الصين على كثرة عددها ونفوسها لا تقل عن أربعمائة مليون لما تغلبت عليها فلسفة السلم وأخلدت إلى الراحة تنقصها الأمم الغربية من أطرافها ويابان التي لا نبلغ بعدد نفوسه سدسها ضربت روسيا التي هي ثلاثة أضعافها ضربة أفقدتها منذ سنين خمسها فضربت بهذه الضربة جميع ممالك