وهذا اللقب لم يعرف لأحد من الشيعة إلا الذين أطلقوه على أنفسهم يوم خاضوا غمار ألفتن في المائة الثانية عشرة وهم شيعة جبل عامل الذين ظهروا يومئذ بزعامة الشيخ ناصيف النصار والشيخ علي ألفارس وعشيرتهما وشيعة بعلبك الذين قادهم أمراء آل حرفوش وشيعة شمالي لبنان الذين كانوا تحت لواء المشايخ آل حمادة.
وما عدا من ذكرنا من الشيعة في سورية كشيعة الديار الحلبية وكشيعة بلاد حماة وحمص وكشيعة نفس دمشق وكلهم لا يعرفون بهذا اللقب إلى اليوم ومن الغريب أن شيعة دمشق الأصليين ينبذون باسم الرافضة عندما لا يريد تكريمهم ومهاجرة بعلبك وجبل عامل في نفس دمشق يعرفون باسم المتأولة وما ذلك إلا إتباعاً للقبهم في ديارهم فقط ويتوهم كثير من العامة أن بين ألفريقين اختلافاً في المعتقد وليس الأمر كذلك.
ديار الشيعة في سورية
معظم الشيعة الإمامية في سورية في جبل عامل وهو البلاد الواقعة ما بين مصب نهر الأولى شمالاً إلى وادي نهر القرن (شمالي صفد) جنوباً ومن غور الحولة شرقاً إلى البحر المتوسط غرباً ويربوعددهم في هذا الجبل على المائة ألف نسمة وقد تقدم الكلام على أول عهدهم بالتشيع. وفي مدينة دمشق بضعة آلاف منهم وعهدهم بمذهبهم قديم وربما سبقوا العامليين في ذلك مدة قليلة. وفي ضاحية حلب قرى أهلها من الشيعة مثل الفوعا وكفريا ونبل والنغاولة ومعرة مصرين وفي نواحي حماة قرى أخرى كالشيخ علي كيسون والبويضة وسمنة وتليل وفي نفس حمص وفي القرى التي في شرقيها أم العمد، البويضة، تل الأغر، أم دالي، أم تويني وفي غربيها الغور سمعليل دلابوس، أم حارتين وعهد هؤلاء أجمع بالتشيع لا يتأخر عن زمن الدولة الحمدانية التي ملكت حلب وكانت عريقة في التشيع لا يتأخر عن زمن الدولة الحمدانية التي ملكت حلب وكانت عريقة في التشيع وكانت مدينة حلب في عهدهم زاهرة بفقهاء الشيعة وفي كتب ألفقه الإمامي أقوال مشهورة تعزى إلى فقهاء حلب وكان نقباء الأشراف آل زهرة الحسينيون الذين منهم السيد أبوالمكارم بني زهرة من جلة علماء الشيعة، يومئذ كان المؤذنون يؤذنون بحي على خير العمل في كل المآذن الحلبية ولما أراد سليمان بن أرتق بناء أول مدرسة شافعية في حلب لم يمكنه الحلبيون من ذلك إذ كان الغالب عليهم التشيع وكانت نار التعصب يومئذ مستجورة