وتصير الكرة ملساء بلا تضاريس وتغير سطحها فتغمرها المياه. وكذلك إذا تراكمت الثلوج وقطع الجمد في القطبين الجنوبي والشمالي فتجتمع وتزيد مساحتها إلى أن تصل إلى المحيطين فتملأها وتدفق مياههما على الأرض فتغرقها وتغطيها بالجمد. ومثل هذا أيضاً إذا كثر سجل المياه للشواطئ وجرف السيول للأتربة ووضعها في البحار فقد تزول اليابسة متوارية تحت أعماق المياه.
فمثل هذه الأسباب ممكنة منتظرة ولكن لا يعلم وقت حدوثها إلا خالق العالم الذي تسمح إرادته العالية بفناء العالم كما سمحت ببقائه لأسباب يريدها هو ونحن لا نعرف لها وجهاً ولا يمكن التذرع إلى استطلاعها بوسيلة.
فبعد أن عرفنا من هذه المقدمات هذه النتائج نقول أن أول من سلك البحار بدلالة النجوم الفينيقيون سكان شواطئ آسيا وجرى مجراهم اليونان منذ حرب طروادة سنة ١٢. . ق م والعرب أيضاً في إبان مجدهم ومعرفتهم الملاحة، فكان نجم القطب وغيره من السور الثابتة قائداً لهم ودليلاً في أسفارهم حتى إذا توارت هذه الأدلة بالغيوم عمدوا إلى الاستدلال بالإبرة المغناطيسية. ولكن بقي المقام الأول للملاحة معتمداً على النجوم ومطالعها.
ولما كانت النيرات والكواكب أساساً لتقسيم الوقت كان القدماء من مثل السريان والعبران والعرب والهنود والصينيين قد قسموا السنة إلى اثني عشر شهراً والشهر إلى أربعة أسابيع والأسبوع إلى سبعة أيام فجعلوا لكل يوم من الأسبوع كوكباً من السيارات السبع لعهدهم والشمس والقمر والمريخ والمشتري والزهرة وعطارد وزحل ولا تزال تسمية الأيام عند الفرنج مبنية على هذه العلاقة، ونسبوا إلى ذلك كثيراً من التأثيرات الغريبة في طبائع الكائنات مع أنهم كانوا يجهلون شؤونهم الخاصة على حد قول شاعر العرب:
وما الذي تدريه في فلك العلي ... إذا كنت في أحوال دارك جاهلاً
أما العرب فقد قسموا الأفلاك إلى تسعة منها سبعة للكواكب السيارة والثامن للكرسي وهو فلك النجوم الثوابت أو الفلك المكوكب والتاسع وهو العرش ويعرف بالأطلس لخلوه من الكواكب، ولهذه الكواكب في الأفلاك أبراج عددها اثنا عشر فبعضها له منها برج والبعض برجان، وهذه البروج تنقسم إلى نارية ومائية وهو ائية وترابية وإلى صيفية وخريفية وشتوية وربيعية وإلى شمالية وجنوبية ومرتفعة وهابطة وسعيدة ونحسة. ومنازل القمر