قد كدت بالحمى أحق فليتني ... التي من الحمى الذي تلقى
وقال أبو نواس يخاطب عناناً جارية الناطفي مشيراً إلى إمكان عدواها وقد مرض وشفيا ولم يعلم هو بمرضها إلا بعد برئه:
إني حممت ولم أشعر بحماك ... حتى تحدث عوادي بشكواك
فقلت ما كانت الحمى لتطرقني ... من غير ما سبب إلا بحماك
وخصلة كنت فيها غير متهم ... عافاني الله منها حين عافاك
حتى إذا أنفقت نفسي ونفسك في ... هذا وذاك وفي هذا وذاك
وقال إلياس صالح كنعان البيروتي لما ثقلت عليه وطأة الحمى وهو آخر نظمه مشيراً إلى تأثير الحمى في الأحشاء والرأس:
إذا جن الظلام وغاب صبحي ... وفارقني أحبائي وناسي
أتت تسعى إلي وليست ترضى ... مقاماً غير أحشائي ورأسي
هذه طرف مختلفة من أوصاف الحمى الشعرية. فبقي علينا أن نذكر ما عرفه اللغويون
عنها مما لم نره مجموعاً في رسالة أو كتاب بل استخرجناه بالبحث والاستقراء.
لغوياً
من الغريب أن الكلمات العربية المبدوءة بالحاء تدل على الحرارة والتوقد ونحوهما ولذا فنحن نستقري هذه السلسلة لنصل إلى اسم (الحمى) وصحة اختياره لهذا الداء ألفتاك الذي يذيب الدماغ والحشى بل يحرق الجسم ويهلك صاحبه.
فإذا تتبعنا سلسلة الحاء وما يتركب معها من الحروف المضاعفة نجد: أنحب بمعنى عشق وحث الشيء حكه ليسقط وحثه على الشيء أحماه عليه وحج غلب بالحجة وفيه حدة وحد غضب وحذ قطع ومثلها جز وجذ. وحر ضد برد وحز قطع وفيه احتكاك وحرارة وحس البرد العشب أحرقه وحس اللحم جعله على الجمر زحش النار أوقدها والمحش ما تحرك به النار. وحص الشعر حلقه وأذهبه وحضه على الأمر أحماه عليه وحط وجهه خرج به الحطاط وهو نوع من البثور أي الحبوب يعرف بحب الصبا. والحظ التوفيق وحف الشيء كشطه. وحقت الحاجة نزلت واشتدت وحقه غلب على الحق وحكه دلكه وكشطه وحل الحرير استل خيوطه منه بالحرارة وحم التنور سجره أي أوقده وأحماه. وحن إليه أي