للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنه لم تبق بلد بالمغرب إلا ودخلها شيء من أنقاض البديع.

أما قصر سارويه فإن القليل الذي ظفرنا به من وصفه لا يشفي غله. قال الأصفهاني أنه في سنة خمسين وثلثمائة تهدم من البنية المسماة سارويه في داخل مدينة جي جانب منة وظهر عنه بيت في نحوخمسين عدلاً من جلود مكتوبة بخط لم ير الناس قبله مثله فلا يدرى متى أخرز ذلك في هذه البنية وسئلت عما أعرفه عن خبر هذه المصنعة العجيبة البناء فأخرجت إلى حضرة الناس كتاباً لأبي معشر المنجم البلخي مترجماً بكتاب أخلاف الزيجة ويقول فيه أن الملوك بلغ من عنايتهم بصيانة العلوم وحرصهم على بقائها على وجه الدهر وإشفاقهم عليها من أحداث الجو وآفات الأرض أن اختاروا لها من المكاتب أصبرها على الأحداث وأبقاها على الدهر وأبعدها من التعفن والدروس لحاء شجرة الخدنك ولحاؤه يسمى التوز وبهم ابتدى أهل الهند والصين ومن يليهم من الأمم في ذلك واختاروها أيضاً لقسيهم التي يرمون عليها لصلابتها وملاستها وبقائها على القسي غابر الأيام فلما حصلوا لمستودع علومهم وجود ما وجدوه في العالم من المكاتب طلبوا لها من بقاء الأرض وبلدان الأقاليم أصحها تربة وأقلها عفونة وأبعدها من الزلال والخسوف وأعلكها طيناً وأبقاها على الدهر بناء فانتفضوا بلاد المملكة وبقاعها فلم يجدوا تحت أديم السماء بلداً أجمع لهذا الأوصاف من أصبهان ثم فتشوا عن بقاعها فلم يجدوا فيها أفضل من رستاق جي ولا وجدوا في رستاق جي أجمع لما راموه من المواضع التي اختط من بعد فيه بدهر داهر مدينة جي فجاؤوا إلى قهندز (قصر) وهو في داخل مدينة جي.

فأودعوه علومهم وقد بقي إلى زماننا هذا ويسمى سارويه ومن جهة هذه البنية درى الناس من كان يأتيها وذلك انه لما كان قبل زماننا هذا سنين كثيرة تهدمت من هذه المصنعة ناحية فظهروا فيها على أزج معقود من طين الشقيق فوجدوا فيه كتباً كثيرة

من كتب الأوائل مكتوبة كلها على لحاء التوز مودعة أصناف علوم الأوائل بالكتابة ألفارسية القديمة فوقع بعض تلك الكتب إلى من عني به فقرأ فوجد فيه كتاباً لبعض

ملوك ألفرس المتقدمين يذكر فيه أن طمهو رث الملك المحب للعلوم وأهلها كان انتهى إليه قبل الحادث المغربي الذي كان من جهة الجوخبره في تتابع الأمطار هناك وأفراطها في الدوام والغزارة وخروجها عن الحد والعادة وأنه كان من أول يوم من سني ملكه إلى أول