كأنه حاجز طبيعي بين أرض الشام وآسيا الصغرى أوحد بين بلاد العرب والثغور كما كانت العرب تطلق عليها هذا الاسم والثغور هي طرسوس وأذنة وملطية والحدث ومرعش والهارونية والكنيسة وعين زربة والمصيصة (مسيس) أوأكثر عمل ولاية أطنة اليوم وربما أدخلوا المصيصة وطرسوس في العواصم والعواصم هي حصون موانع وولاية تحيط بها بين حلب وأنطاكية وقصبتها أنطاكية كان قد بناها قوم واعتصموا بها من الأعداء وأكثرها في الجبال فسميت بذلك.
بين فروق والشام
في هذا الجبل خرق القائمون بتمديد الخط البغدادي أكبر نفق في المملكة العثمانية وثامن نفق بطوله في العالم وهو السمبلون ٢. كيلومتراً ويجيء بعده نفق سان غوتار وطوله أقل من ذلك وقد كتب لي الحظ أن ركبت في خط الديكوفيل أي السكة الحديدية الضيقة الموقتة ومررنا من هذا النفق في الليل مع رئيس وفدنا العلمي الأستاذ الشيخ أسعد الشقيري وثلاثة من رصفائي أرباب الصحف فقط فشاهدنا هناك عالماً يعمل كأنه الجن وقد جهزوه بآخر ما وصل إليه العلم الحديث في فتح الأنفاق وتقريب الأبعاد فتجده مناراً بالكهرباء وفيه آلات لتجديد الهواء وأنابيب لجر المياه وهم الآنن يهذبون من حواشيه ويعقدونه بالحجارة.
وهذه الشعبة من الخط البغدادي تنتهي بعد عشرة أشهر كما كان أخبرني المهندسون فيه فلا تبقى غير شعبة وروس التي يعمل فيها الآن وتنتهي بعد سنة ونصف وعندئذ يتصل الخط البغدادي العريض المتقن من حيدر باشا من ضواحي الأستانة إلى حلب فرأس العين والمسافة بين الشهباء ورأس العين ٣٢٨ كيلومتر نجزت مؤخراً بمعنى أن الخط البغدادي من دار الخلافة إلى بغداد يكون طوله قريباً من طول الخط الحديدي بين باريز والأستانة أي نحوثلاثة آلاف كيلومتر والراكب يسير بين هاتين العاصمتين اثنتين وسبعين ساعة فيطوف قسماً من أرض فرنسا وبلاد سويسرا أوألمانيا وأرض النمسا والمجر بطولهما وبلاد البلقان والروم إيلي.
فما أسعد اليوم الذي يركب فيه ابن أدرنة مثلاً ويصل إلى بغداد أوإلى المدينة المنورة أومكة المكرمة إن لم نقل إلى صنعاء في القطار الحديدي مرتاحاً مرفهاً.
كان أجدادنا يجتازون المسافة بين دمشق والأستانة في ثلاثين مرحلة