من أهل أطنة وطرابزون ولسرعة المواصلات اليد الطولى في ذلك فالولاية التي كتب لها أن تصدر حاصلاتها إلى الخارج يأتيها النقد وتتكاثر همم سكانها وتتوفر على الربح فيتعلم بعض أفرادها في المدارس الوسطى والعليا فيكونون رسل المدنية الحديثة ومتعلم واحد في أسرة كبيرة كلها من الأميين يؤثر فيهم وينشلهم من جاهليتهم الجهلاء والولاية المرتبطة بالساحل بخطوط حديدية تكثر السياحة في أهلها والسياحة مدرسة الكبار كما أن المدرسة للصغار.
تحس النفس بانبساط عندما تنتهي من ولاية قونية وتدخل في ولاية خداوندكار ولواءي اسكيشهر وإزميت فإن العمران هنا يبدوفي السهل والجبل وتكثر الأنهار والبحيرات والغابات ولا تقل فيما أحسب جبال بروصة وإزميد في عمرانها عن أرقى جبال الأرض عمراناً والصنائع على هذه النسبة حتى أن مصنوعات بروصة الحريرية من أجمل ما حاكه قول نساج وألطف ما طرزته يد صناع يجمع إلى الرخص متانة وجمالاً فحبذا اليوم الذي نتعلم فيه دروساً في الوطنية ونقتصر على مصنوعاتنا الخاصة ونزهد كل الزهد بأقمشة أوروبا ولا نلبس منها ولوأعطيناها مجاناً. بلادنا تخرج الصوف والقطن والحرير والقنب والكتان وغيرها من لوازم الأقمشة للدفء والزينة ومع هذا لا نزال متعلقين بما تصنعه لنا المعامل الغريبة الغربية ونزهد فيما تنتجه مصانع دمشق وحلب وحماه وطرابلس إلخ إن الثوب من الأقمشة الوطنية يكتسي به أحدنا يكون عوناً لأسرة صانعه الذي تعيش بربحه اليوم واليومين فمن لي بأن أرى كبراءنا وخاصتنا يبدأون أولاً ليكونوا قدوة فيلبسون وعيالهم من أقمشتنا الوطنية في الصيف والشتاء.
إن جوخ إزميت وحرير بروصة وقماش أنقرة تكفي الآن لحاجاتنا وكمالياتنا فتبقى أموالنا في بلادنا وتنشط صناعنا فتكثر اليد العاملة من نسائنا ورجالنا ونخلص من البطالة فإن رأس البطال معمل الشيطان.
التقليد والاقتصاد
بعد الحرب ستزيد الدولة ولا شك الرسوم على البضائع الأجنبية فتحمي الصناعات الوطنية حماية حقيقية خصوصاً وقد خلصنا من شر الامتيازات وأصبح الأجنبي يدفع من الرسوم مثل ما يدفع الوطني ولا يحميه من الحقوق قنصله ولا ترجمانه فليت جمعية الاتحاد