مسألة اللغات ما يهدد كيان كيان هذه الجمهوريّة. وسويسرا أحسن مثالٍ للشّعوب المختلفة بلغتها تعيش في بلد واحد حول جبال واحدة بحيراتٍ واحدة تتكلم الأكثرية فيها الألمانية والألمان ثلاث أرباعها والربع الآخر يتكلّم الإفرنسيّة والإيطالية والرومانشية وغيرها من اللغات والبلجيك تشبه سويسرا من بعض الوجوه نصف أهلها يتكلمون بالإفرنسية والآخر بالفلامندية ومنهم من يتكلم بهاتين اللغتين معاً وغيرهم يتكلم بالألمانية وغيرها من اللغات قال: وأما بقية بلاد أوربة ما عدا الدولة العثمانية وفرنسا وألمانية والدانيماركأسلاندة والسويد والنويج لايون فليس فيها سوى شعوب قليلة تتكلم لغة خاصة بها وقد كان من الحوادث المعلومة أن أنقذت البلاد العثمانية من عدة قوميات غريبة عن العنصر الحاكميعني بذلك البلغار والصرب واليونان والرومان وليس في هذا الباب إحصاء يعتمد عليه.
لا جرم أن حبّ الإنسان للغته غريزية في البشر ويزداد شعوراً بذلك وتفانياً فيه كلما تقدّم خطوات في طريق الحضارة. ومن كتبت له الرحلة إلى بلاد النمسا والمجر وبلاد سويسرا وبلاد البلجيك وغيرها من البلاد المختلفة السكّان يشهد غرائب من ذلك قال صاحب كتاب بلجيكا الحديثة: لقد صُرفت العناية بعد سنة١٨٣. لفرنساألفلاندر (من أقاليم البلجيك) فشقّت عصا الطاعة وعصت على كلّ ما أريدت عليه وظلّ تركيبها العقلي ثابتاً كصفاتها التشريحية ولم يطرأ أدنى تبدّلٍ على أفكارها وتقاليدها وشعورها وطرقها في التفكير والتقدير وما اللغة إلا عنوانٌ لأمّة وما من أمةٍ بدون لغةٍ ولهذا ينهض سكان فنلاندة لدفع الغارات عن أمّتهم وكذلك أهل بولونيا والنمسا والمجر وسويسرا وإسبانيا وغيرهم في كل صقعٍ ونادٍ. ويجب الإعتراف بأنّ الوطنيين الفلامنديين يصدرون عن صوابٍ في رأيهم إذا رأوا لغتهم القوة الموجدة التي وحدها يمكن أن تؤثّر فيهم
وذكر المؤلِّف أيضاً أن دعاة الاتحاد الجرماني عفوا اثر حدود مملكة ألمانيا بل تخطّوها إلى غيرها فنُشرت بطاقات بريد مصوِّرةً ممالك أوروبا سنة ١٩٥. م وقد توارث منهم البلجيك وهولندا والدانيمارك والنمسا وقسم من روسيا ورومانيا قد اندمجت في الأمة الجرمانية. ويرى اليوم دعاة الجرمنيَّة أكثر من نصف بلجيكا ألمانيا بلسانه وأنَّ لهجة هولندا وليموج المستعملة في عدَّة ولايات من تلك البلاد ليست إلا ألمانيّة محرّفة دجة في شمالي ألمانيا