الحساء الشّورباذروراً ثمّ يُذاب في ماء حار وقت الاستعمال فيأتي منه حساءٌ لطيف كأنه طبخ السّاعة. ويُستخرج أشربةً كثيرةً مثل ماء الزّهر وماء الورد وشراب قشر الليمون وشراب قشر البرتقال فتُجعل روحه في زجاجات تكفي القطرة منه لكأس ماء حتّى تكون حلوة ذات نكهة طيّبة كأنّه عمل لساعته. وهذه الأشربة تنفع الجيش كثيراً ولاسيّما في مستشفيات البادية.
وفي هذا المعمل فرعٌ لاستخراج مرق اللّحم من العظام وتعقيمه بحيث لا تذهب العظام التي تخرج من مسالخ الجيش في هذه الحاضرة من دون فائدة وللنّساء العاملات هنا دخلٌ كبير في هذا الصّنف فتراهنّ لابسات المآزر الكحليّة يعملن على الدّوام على نظامٍ تام وتُرزق الواحدة منهن ثلاثة قروش وثلاثة أرغفة في اليوم ويتناولن طعام الظّهر في المعمل بالاشتراك بينهن وقد نُصبت لهم موائد وأمام كلّ واحدةٍ منهن صحفتها وكأسها وكذلك الرّجال في مكانٍ آخر. وأهمّ ما يستخرجه معمل المحفوظات والمربّيات حفظ الثّمار والبقول على طريقةٍ لا تنقص من تغذيتها وتكون عند الاستعمال كأنّها طريّة حديثة عهدٍ بالقطف من الشّجرة أو المسكبة ويبلغ عدد البقول المربية عشرة أنواع يتناولها الجندي في كلّ وقت كأنّما يتناولها في إبّانها ناضجة طريّة. وفي هذا المعمل فرع لعمل الخل للجيش ويُعمل كلّ ذلك على طريقة صحّيّة اقتصاديّة بحيث لا ترى جزءاً لا ينتفع به حق الانتفاع على النّحو الذي جرى عليه الغرب في معامله.
ومن الصناعات المستحدثة التي كانت هنا موجودة في حكم المفقودة صناعة عجن الخبز وخبزه بآلات تُدار بالكهرباء بسيطة في ذاتها ولكنّها تغني الغناء المطلوب فقد كان يعجن خبز الجند في أفران الجيش بالأيدي وأحياناً بالأرجل فارتأى القائد العام إحداث هذه الطّريقة الجديدة فوفّر من عمل الأيدي وخلّص الخبز مما كان يدخله من عرق الخبّازين وأوساخهم وصار معمل دمشق وحده يخرج في اليوم العشرين والثّلاثين ألف رغيف على أيسر وجه وأسرع طريقة وأنظف واسطة ويوزَّع خبز اليوم من الغد رعايةً للصّحّة.
وقد كان معمل الخبز في هذه الحاضرة منذ أشهر احترق فأُعيد على هذه الصّورة البديعة التي سداها ولحمتها مراعاةً للنظافة بل المبالغة فيها حرصاً على صحّة الضّبّاط والجند وأصبح معمل خبزنا على مثال المعامل الغربيّة وحبّذا يوم تصحّ عزيمة جمهورٍ من أرباب